"الهياط" أو المبالغة في إضفاء الشخص على نفسه صفات ليست فيه، سلوك قد يستحسنه البعض بدافع الطرفة أو التندر، وقد يجد كثير ممن ينتهجون هذا السلوك نوعا من الترحيب في بعض المجتمعات لما يضفيه على المجلس من جو من الفكاهة، ولكن هذا السلوك قد يتحول بصاحبه إلى مرض نفسي حقيقي حين يبدأ الشخص نفسه في تصديق ما يقوله للآخرين ويتوهم بشكل فعلي في نفسه صفات ليست لها مما يوقعه في العديد من المشاكل والمواقف غير المستحبة. وتقول اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية أمل الكفراوي ل"الوطن": إن مصطلح "الهياط" الذي يتم تداوله في أوساط الشباب بكثرة يعني من الجانب النفسي ميل الشخص إلى المبالغة التي قد تدفعه لممارسة سلوكيات تشكل مجازفة وخطورة على حياته، بمختلف جوانبها الاجتماعية والمادية، إضافة للجسدية والنفسية مثل ظاهرة التفحيط. وتهدف تلك السلوكيات للحصول على المدح والثناء من المجتمع المحيط به بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك. وأشارت إلى أن اللجوء لهذا السلوك عادة ما يكون السبب الرئيس فيه هو اضطراب سلوكي في الشخصية. وأشارت الدكتورة الكفراوي إلى أنه متى تجاوزت تلك السلوكيات في تصرفات الفرد حداً معيناً ودقت ناقوس الخطر لحدوث مرض نفسي، فيجب في هذه الحالة عرض الشخص على الطبيب النفسي لإعطائه العلاج السليم ويتمكن من التحكم في تصرفاته بشكل سليم. ودعت الكفراوي إلى استخدام وسيلة التوجيه للصواب والحوار في حال كانت تلك التصرفات ناتجة عن سلوك خاطئ متبع بهدف الوصول إلى مرحلة الإقناع أو العلاج السلوكي في اتباع أساليب أفضل في حل الأمور بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة لكل فرد. ويرى المواطن بسام القايدي إن مواقع التواصل الاجتماعي وراء تفشي ظاهرة الهياط في المجتمع، منوهاً بأنها أسهل الطرق التي تمكن الفرد من إيصال ما يقوم به من تصرفات للمجتمع الخارجي بهدف الشهرة. ويشير المواطن محمد حسن إلى أن البحث عن لفت الأنظار والتظاهر أمام الناس لا ينتج إلا عن الأشخاص الذين يعانون نقصا في تركيبة شخصيتهم ويقومون بذلك ظنا منهم أن تلك التصرفات قد تصنع لهم مكانة في المجتمع المحيط بهم. وتقول المواطنة سامية الحربي إن هذه الظاهرة انتشرت مؤخراً بين أوساط النساء، مشيرة إلى أنها تكثر في المناسبات الاجتماعية والتي غالبا ما تدور حول مشتريات السوق والسفر ومنصب الزوج الوظيفي. وأضافت أن السماع للشخص "المهايطي" والتفاعل معه يزيد من تطور الظاهرة لديه، مؤكدة أن المجاملة هي من أهم العوامل التي تساعد على انتشار مثل هذه الظاهرة. ويقول المواطن خالد العنزي: إن الكثير من القضايا الاجتماعية يكون "الهياط" سببا فيها ومن أخطرها قضية "التفحيط"، مشيراً إلى أنه لا يمكن للفرد أن يمارس التفحيط إلا في وجود متجمهرين بجانبه ليقوم بالاستعراض أمامهم بهدف الحصول على التشجيع والثناء. ومن جهتها قالت الأخصائية الاجتماعية بجامعة طيبة فاطمة زكزكي إن الفرد يلجأ لسلوك "الهياط" حين يكون سقف مطالبه لمجاراة أقرانه أعلى من قدرات وإمكانيات أسرته وهو هنا يمارس سلوكيات تهدف للفت الأنظار إليه. وأشارت في حديثها ل"الوطن" إلى أنه للحد من هذا السلوك لابد من العمل على غرس القيم الروحية والإنسانية وإثراء العقول والقلوب بما هو بديل عن القيم الزائفة التي تجلب المتاعب والأضرار خلفها للمجتمع عامة وللفرد نفسه على وجه الخصوص.