خرجت ظاهرة تعلُّق بعض الشباب وصغار السن بنجوم الرياضة والفن عن إطارها الصحيح، إلى مشكلة حقيقية تستحق النظر والتدقيق في أسبابها وتلافي عواقبها، ولا يساور أحدا شك في أن ظاهرة الانفلات والطيش والفراغ المميت التي يعيشها الشباب اليوم، تنذر بخطر ماحق، وتستدعي تضافر جهود جهات عديدة لدراستها وسبر أغوارها ووضع الحلول المناسبة لها، وهي حالة من الانحدار والتردي القيمي وصلت لمرحلة العدمية لدى البعض، حيث تحتاج الجهات المسؤولة للتوقف طويلاً عند هذه الظاهرة، فهل هي نتاج افتقاد القدوة وارتجاج وتهشم صورة الكبير بكل أبعادها في المجتمع، أم هي التيه في التبصر والتوجه، وانعدام برامج موجهة لصياغة فضاء واسع من القيم والأفكار يعيش تحته الشباب ويرتبط بقضايا حقيقية وينفعل بها، بدلاً عن امتصاص الفراغ لطاقاته وقدراته. ويعتبر تمييع الشباب وتتفيه وتسخيف اهتماماته، من خلال عمليات وفنون صناعة النجوم هي أكبر من أن تنشأ من اللاشيء والتلقائية المحضة، كما أن هناك ظروفا وعوامل مختلفة ربما قادت إلى هذه الصورة المحزنة التي تظهر بين الحين والآخر في صورة بكاء شاب أو شابة على وقع حضور نجم أو أحد المشاهير، فهذا الجنون الجارف والطيش والتعلُّق الأعمى بالنجوم، مهما كانوا، فتلك محنة كبرى لا يجوز تجاهلها على الإطلاق. سبق أن قيل كلام كثير جداً وسال مداد من علماء ومفكرين ودعاة ومراقبين وحادبين، عن تسلل جهات هدامة تعمل على صناعة الوهم الكبير لدى الشباب وتوجه دفة اهتماماتهم إلى حضيض بائس من الاهتمامات تدغدغ العواطف وتثير الغرائز، وتجعل الحياة مجرد جيشان شعور جارف على هامش الحياة، خاصة أن الفنون غير الناضجة والملتزمة هي أوسع أبواب الالتباس لدى الكثير من الناس. وكم من علماء في مجالات الطب والهندسة والزراعة والكيمياء والفيزياء والقانون والأدب والاقتصاد وغيرها، يعيشون بيننا ولم يتعلق بهم أحد، ولم يعرفهم إلا ذووهم وعارفو أفضالهم!، وكم من رجل وامرأة قدموا لهذه الأمة عظيم العمل وجليل العطاء، لم يقتد بهم أحد. لماذا لا تتساوى الأشياء في ضباب هذا المدى الشاحب لنبحث عن أمة تبنيها العقول الحيّة والأفكار الكبيرة ومداد العلماء؟