تحافظ الأسواق الشعبية "الصباحية" في الأحساء على قيمتها ويمتد عمر البعض منها لأكثر من 60 عاما، وساهمت الأجواء المناخية "المعتدلة"، التي تعيشها مدن وقرى الأحساء حالياً في انتعاش الحركة التجارية في تلك الأسواق على مدار أيام الأسبوع، وتستقطب أعدادا كبيرة من الأهالي، والوفود السياحية الأجنبية؛ حيث خصص يوم الخميس لإقامة السوق الشعبي في مدينة الهفوف، ويوم الجمعة في بلدة الطرف، ويوم السبت في بلدة الشعبة، ويوم الأحد في بلدة القارة، والاثنين في بلدة الجفر، ويوم الثلاثاء في بلدة الحليلة، والأربعاء في مدينة المبرز. وأكد باعة في تلك الأسواق، خلال أحاديثهم ل "الوطن"، أن هذه الأسواق باتت تعتبر وجهات سياحية لجميع الوفود الزائرة للأحساء لشراء احتياجاتهم واقتناء القطع التراثية والأدوات القديمة والفخاريات وبعض الأكلات الشعبية والمحاصيل الزراعية المحلية والشتلات الزراعية والبذور بأنواعها بأسعار مناسبة جداً، كما أن مواقع تلك الأسواق توفر لتلك الوفود زيارة المناطق التاريخية والقديمة في مدن وقرى المحافظة، موضحين أن هذه الأسواق حافظت على التاريخ الحضاري للأحساء؛ نظراً لما تحويه من إرث شعبي قديم. وأوضح نوح الخميس "بائع"، أن انخفاض درجات الحرارة في مثل هذه الأيام يعمل على تشجيع الباعة لجلب مباسطهم والبيع في هذه المواقع الشعبية، إذ إن معظم الباعة في هذه الأسواق هم من كبار السن، وقد لا يستطيعون جلب مباسطهم خلال أيام الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال ساعات الضحى والظهيرة، حيث إن تلك الأسواق مكشوفة ولا يوجد ما يقيهم من أشعة الشمس الحارقة في الصيف، إلا من خلال جهود ذاتية تتمثل في صناعة مظلة شمسية من القماش تعرف محلياً ب "العمارية"، مؤكداً أن الأمر كذلك ينطبق تماماً على المتسوقين، فأعداد المتسوقين خلال أيام الشتاء والمتزامنة مع انخفاض درجات الحرارة يتضاعف بمرات عديدة عن أيام الصيف، الذي عادة ما يفضل الناس فيه السفر إلى خارج الأحساء أو قلة الخروج خلال ساعات النهار بسبب الحرارة الشديدة. وأكد عبدالمحسن السماعيل "متسوق"، أن مواقع هذه الأسواق في قلب المدن والقرى، ومراكز تجارية قديمة، وهي نقاط التقاء لسكان المدن والقرى المجاورة الذين كانوا يقصدونها لشراء احتياجاتهم بجانب التواصل الاجتماعي فيما بينهم، مبيناً أن هذه الأسواق تحتوي مبيعاتها على قطع نادرة، وتباع بأسعار زهيدة، إذ إن أصحابها لا يعرفون قيمتها الحقيقية، فكم قطعة أثرية "قديمة" بيعت بمبلغ زهيد، وها هم أصحابها الذين اشتروها يعرضونها بمبالغ مالية كبيرة، مشيراً إلى أن هذه الأسواق أصبحت مقصداً للسياح الأجانب والعرب. وأكد علي الموسى "متسوق"، أنه يشعر بمتعة وهو يتجول في الأسواق الشعبية "الصباحية" في الأحساء في مثل هذه الأيام التي تشهد اعتدالا في درجات الحرارة، مضيفاً أنه سوقي الخميس في الهفوف، والجمعة في بلدة الطرف، يشهدان تزاحماً كبيراً من المتسوقين باعتبار أنهما يوما إجازة موظفي القطاعات الحكومية، وكذلك الأسواق الأخرى في أيام الأسبوع تشهد تدفقاً ليس بالقليل من الموظفين ومن غيرهم. وذكر عبدالله المدالله "متسوق"، أن من الأضرار التي لحقت بتلك المواقع الشعبية في الفترة الأخيرة، تسرب كثير من الباعة السعوديين أنفسهم من كبار السن أو أبنائهم لصالح العمالة الوافدة، وما خالطه من الغش والتلاعب في السعر. وأضاف أن العمالة الوافدة أفسدت نوعاً ما نكهة التسوق في بعض هذه المواقع الأحسائية الأصيلة، بيد أن كثيرا من السعوديين لا يزالون يحافظون على هذا الموروث الأصيل من خلال الاستمرار في مزاولتهم البيع بأنفسهم. ومن جهته، أشار أمين الأحساء رئيس المجلس البلدي في الأحساء المهندس فهد الجبير في تصريح إلى "الوطن"، إلى أن تلك الأسواق تحظى بعناية واهتمام من جميع جهات الاختصاص في الأمانة، والتي من بينها الاهتمام بترتيب أوضاع تلك الأسواق والحرص على نظافتها قبل وبعد وأثناء اليوم لرفع النفايات أولاً بأول بجانب تخصيص مراقبين ميدانيين للتأكد من سلامة وصلاحية الأغذية المباعة في الأسواق بجانب التأكد من سريان الرخص الصحية المهنية للعمالة في تلك الأسواق.