يعتبر سوق الخميس الشعبي من أشهر الأسواق بالأحساء، والذي يعد واحدا من الأسواق الرئيسة في الجزيرة العربية حتى بداية القرن الماضي، وكان يقع بين حي الرفعة وحي الكوت سابقاً، حيث يجد المواطن كل ما يحتاجه من مستلزماته المنوعة، ويعرض الباعة المواد الغذائية والخضروات والملابس والأواني، إضافة إلى البضائع الشعبية كالتمور والصناعات اليدوية من سعف النخيل وغيرها.. ويتوافد الزبائن من مختلف مدن وقرى المحافظة منذ الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، قاطعين مسافات طويلة للوصول للسوق الشعبي والتاريخي، وذلك لشراء كل احتياجاتهم المنزلية والزراعية وغيرها. في ليلة الأربعاء من كل أسبوع، تجد أن هناك سباقا بين أصحاب البسطات لحجز أماكن لهم بشكل عشوائي وغير منظم، ومع تلك العشوائية في ترتيب موقع البسطات، إلا أن هناك ما يقارب 4000 زائر أسبوعياً من جميع الجنسيات وخصوصاً دول الخليج، فتجد أن هناك متنفسا للكثير، ومن الزبائن من يتعمد زيارة السوق ليس للشراء وحسب، ولكن للرجوع إلى الماضي العريق أيضا. وفي جانب من السوق، شاهدنا مجموعة من العمال اليمنيين يبيعون أنواعاً من القهوة والشاي والزبيب والهيل والزنجبيل والعسل الطبيعي، وفي الجانب آخر بعض المقيمين العرب يبيعون الأشرطة الغنائية والاسطوانات الموسيقية بأسعار زهيدة. وأوضح البائع خالد الحمد بأن المعروضات في سوق الخميس تتنوع من تجار يبيعون بالجملة إلى آخرين يبيعون بالتجزئة، وسط اختلاف معروضاتهم من بضاعة جديدة وأخرى مستعملة، وبضائع مقلدة، إضافة إلى الخردوات التي خصص لها مكان في إحدى زوايا السوق. وعند زيارتنا لباعة الطيور، وجدنا تنافسهم على جذب انتباه الذين حولهم من الزبائن، الذي يأتون خصيصاً لشراء أنواع معينة ونادرة من الطيور، قادمين من المحافظة والدول المجاورة مثل الإمارات وقطر والبحرين، وخلال جولتنا التقينا بالبائع ماهر الشبيب، والذي قال بأن الكثير من الخليجيين يأتون للسوق كل أسبوع، البعض منهم يحضر للشراء والبعض الآخر للبيع، وهناك من يركز على الطيور النادرة مثل الببغاء الآمزوني، والذي يشتهر بجماله الجذاب وريشة الأخضر الناعم، حيث يصل سعر الفرخ حوالي 2000 ريال، أما الطيور الأكثر بيعا فهي الدجاج الحساوي والديك الرومي، التي يتم شراؤها ووضعها في المزارع والاستفادة من بيضها. وأكد بائع آخر وهو هشام بوناجمه، والذي يبيع في السوق منذ أكثر من عشر سنوات تقريباً، أن الغالبية يبيعون المنتجات المحلية المصنوعة بأيدهم بوفرة، والتي تعتمد على الابتكار اليدوي والأشكال الموروثة كالصناعات الفخارية والخزفية وبأشكال جمالية تختلف حسب طبيعة استخدامها وغيرها، ويقول بوناجمه: تجد في إحدى الجهات من السوق نساء كبيرات في السن يفرشن بضائعهن، وهي عبارة عن مداد وحصر وسفر وقبعات وحافظات ومهفات صغيرة مصنوعة من سعف وخوص النخيل، كذلك بعض الصناعات اليدوية المشهورة في المنطقة. وبين المتسوق عبدالله الغزال، أن السوق أصبح يضم الكثير من البضائع المستوردة هذه الأيام، مثل الملابس الرجالية الجاهزة ونسائية، كذلك الأقمشة المختلفة والأدوات المنزلية، وأدوات الكهرباء والإلكترونيات والساعات وأجهزة الهاتف. من جانبه قال البائع حسن الصالح أنه بدأ العمل في سوق الخميس منذ أكثر من 15 سنة تقريباً، وذلك قبل أن ينتقل السوق إلى مكانه الجديد الحالي قبل عدة سنوات، واصفا عملية البيع والشراء في السوق بالعمل الشاق، حيث إنها تعد من أكبر الأسواق الأسبوعية في المملكة نظرا لكثرة زوارها وكثرة البائعين فيها، مضيفا بأن السوق يشهد إقبالا متزايدا من المتسوقين خاصة في المواسم والإجازات، مطالبا الجهات المسئولة بتنظيم جيد لعملية توزيع البسطات والمحلات التي تطغى عليها الفوضوية. الزوار يجدون متعتهم في التسوق والحديث عن معروضات الباعة وقال بائع السبح والخواتيم أيمن الخرس الذي يبلغ من العمر 28 سنة، أنه بدأ بتجميع الخواتم والسبح منذ انتهائه المرحلة الابتدائية حتى استطاع جمع ما هو قديم وعرضها في سوق الخميس، مؤكدا حرصه على عرض بضاعته رغم التطور الذي تشهده المحافظة، وموضحا بأن الإقبال في السابق كان يقتصر على أهالي الأحساء، أما الآن فالسوق يحظى بإقبال كبير من مختلف المدن ومحافظات المملكة ودول الخليج، إضافة إلى مجموعات سياحية أجنبية تأتي بغرض الشراء أو التقاط الصور التذكارية في السوق، وخصوصاً البضائع الشعبية والتي تصنع عادة بسعف النخيل، فالسوق يعتبر بالنسبة للكثير من الناس من التراث القديم الذي يجب المحافظة عليه. وتحدث الزائر عمر الشقاق الذي يسكن في القرى الشرقية بالمحافظة، والذي يحرص على زيارة السوق أسبوعيا، قائلا: احرص دوما على المجيء للسوق، حيث أقطع مسافة تستغرق ما يقارب الساعة بالسيارة بغرض التسوق، لأنه يختلف عن غيرة من الأسواق، خاصة من ناحية الأسعار التي وصفت بأنها أقل بكثير من الأسواق الأخرى.