"فرح" طفلة في السابعة من عمرها، لم يكن لها من اسمها نصيب، إذ بدأت فصول قصتها الحزينة بعد انفصال والديها، وذهابها للعيش مع والدها الذي تزوج بأخرى، وجعلها خادمة لزوجته، ليس ذلك فحسب بل تعدى الأمر لمرحلة أن تعذبها زوجة الأب، لتذهب للمدرسة يوميا وهي في حالة نفسية سيئة نتيجة التعذيب اليومي الذي تتعرض له. وزادت الأمور سوءا حين تعاون الأب مع زوجته على تعذيب "فرح" نكاية في والدتها وانتقاما منها، إلى أن اكتشفت إحدى معلمات الطفلة القصة، وسارعت بعلاجها في أحد المستشفيات، وتقدمت ببلاغ رسمي ضد معنفيها وتواصلت مع والدة الطفلة التي استلمتها من الجهات المعنية بعد ثبوت عدم أهلية والدها لرعايتها. وكشفت إحصائية صادرة عن هيئة حقوق الإنسان ارتفاعا في نسبة العنف الأسري محليا بلغت نحو 45 % الأمر الذي دفع بعض الاختصاصيين والجمعيات الحقوقية إلى الدعوة للقيام بحملة وطنية للتوعية، مطالبين مجلس الشورى بتبني الموضوع والسعي فيه من أجل الحد من العنف الأسري، وحماية النساء والأطفال من جميع أنواع الاعتداء، إذ تتصدّر المرأة حالات العنف بمختلف أشكاله. وأوضح المشرف العام على فرع هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية عبدالله السهيل، أن عدد القضايا التي وردت للهيئة خلال العام الحالي كانت 242 قضية ما بين عنف أسري وقضايا مالية وإدارية وحقوق مدنية، وأن %95 من القضايا التي وردت للهيئة قد حُلت، معتبرا العنف الأسري ضد المرأة والطفل جريمة تستحق عقاب مرتكبها، موضحا أن إدارته تولي مثل هذه القضايا كل عناية واهتمام، بالتواصل مع أطراف القضية ومحاولة نصرة المظلوم. وأوضحت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، في حديث إلى"الوطن" أن العنف ضد المرأة والطفل بدأ ينتشر كثيرا في المجتمعات العربية بشكل عام وللمملكة نصيب كبير من هذه الظاهرة، التي باتت تهدد أمن وأمان الأسرة بشكل كبير، فالعنف ضد الطفل يخالف الفطرة الإنسانية، خاصة إذا صدر من الوالدين، وللأسف فإن القصص التي تجسد تلك المشكلة باتت كثيرة في السنوات الأخيرة. ويصنف العنف ضد الطفل إلى أنواع وأقسام منها العنف الجسدي والنفسي والجنسي، والنوع الأخير لوحظ كثيرا عبر آباء يعتدون على أبنائهم وبناتهم فلذات أكبادهم ولا يخافون الله فيما وهبهم من ذرية، مستغلين براءة الطفل من جانب، وعدم وجود قانون يجرمهم على فعلتهم الدنيئة، ويحاسبهم بما يستحقون لينالوا شر عقاب. وطالبت الدكتورة حماد بضرورة الإسراع في سن قانون يعاقب أصحاب تلك النوعية من الجرائم، ويفرض أشد العقوبات الرادعة ضد كل من ينوي ممارسة العنف بأي شكل من أشكاله ضد المرأة والطفل، جاعلة هذا القانون بمنزلة المخلص للمعنفين من الظلم الذي يعيشونه تحت وطأة معنفهم. وأضافت حماد، أن الإحصاءات الرسمية الأخيرة تشير إلى أن 45% من الأطفال يتعرضون للعنف في حياتهم اليومية بمختلف أنواعه، وباختلاف حالاته من محدود إلى متوسط وكبير. وبينت أن برنامج الأمان الأسري كشف عن تعنيف 85 طفلا منهم 12 طفلا انتهى تعنيفهم بالوفاة على يد الأب أو الأم أو زوجة الأب أو العاملة المنزلية والسائق.