تعليقا على ما كتبه د. علي الموسى، في عدد يوم الاثنين الموافق 31/ 12/ 2012 تحت عنوان "ولمَ الحاجة إلى فوائض الميزانية: أسئلة مشرعة"، فإن إجابتي الشخصية على السؤال هي بأنه ليس هناك حاجة، بل أعتقد أن هناك خسارة كبيرة، والخسارة ليست من وجود الفائض، لكنها بسبب الطريقة التي نتج عنها. إن هذه الثروة أغلى من الذهب بكثير لسبب بسيط، وهو محدودية الحاجة للذهب مقارنة بالحاجة الهائلة للنفط، وما ينتج ويصنع منه. إنني أعتبر أن بلدنا يخسر الكثير عندما يصدر النسبة الأكبر من هذا النفط خاما، فالخسارة مضاعفة، وهي خسارة في مخزونه، وخسارة في الاقتصاد، فإنتاج النفط الخام بكميات كبيرة يؤثر بدون شك على كمية المخزون، وبالتالي تقصير العمر الافتراضي لبقاء هذه الثروة، أما التأثير على الاقتصاد فهو كبير، فلا تكاد تجد منتجا في هذا الوجود لا يدخل فيه أي من مشتقات هذه الثروة الغالية، فعندما نعمل نحن على إيجاد هذه المشتقات وتحويلها وتصنيعها، نكون قد ربحنا أضعافا مضاعفة مالية واجتماعية وغيرها الكثير، فالميزان التجاري سيحقق فائضا تشغيليا وليس فائض تصدير خام، وسيرتفع الدخل والفرص الوظيفية ستزداد، والبطالة ستنخفض كثيراً، وسيترتب على منظومة التصنيع إنشاء عدد كبير من الشركات، تشمل فئات مختلفة داخل المنظومة من شركات تصنيع ونقل وتسويق وغيرها من مزودي الخدمات الأخرى، وستزداد شريحة المنشآت الوسطى والصغيرة. هناك خسارة من نوع آخر، وقد لا تكون معلومة لبعض من الناس، وهي ما يتم استهلاكه من النفط بكميات وصلت إلى معدلات خطيرة، وذلك على إنتاج الطاقة ببلدنا الغالي، وبالتحديد ذلك الذي يستهلك في محطات إنتاج الكهرباء، وتشغيل محطات التحلية، وفي مجالات التصنيع، ما يعول على مدينة الملك عبدالله للطاقة في تخفيف هذه المشكلة، ثم حلها بمشيئة الله. هذا الاستهلاك الإضافي سيسهم أيضا في تقليل المخزون، وإنقاص عمره الافتراضي. إن هذا النوع من الخسارة لم يقتصر ضرره على الاستهلاك الكمي لهذه الثروة في هذا المجال فحسب، بل تعداه إلى إيجاد ضرر بيئي خطير جدا يحتاج إلى حل أعتقد أنه يجب أن يأخذ مسارين، وهما الاستغناء التدريجي عن طاقة النفط بطاقة بديلة، وإيجاد الحلول الهندسية لتقليل الانبعاثات الخطرة. ومراكز الأبحاث الوطنية والباحثون في الكليات الهندسية في بلدنا الغالي قادرون على ذلك بعون الله تعالى. عندما تدار ثروة النفط بشكل جيد، سيكون بلدنا بحول الله وقدرته بلدا صناعيا مثاليا يشار إليه بالبنان. وسترتفع ميزانياتنا أضعافا كثيرة عما نحن عليه الآن، وسيحتفظ بلدنا بهذه الثروة قرونا عديدة وأزمانا مديدة، وسنسلم بمشيئة الله من مشاكل كثيرة ومتعددة، والأمثلة كثيرة لبلدان حققت ذلك كله مع افتقارهم لميزة نملكها نحن، وهي وجود النفط في البلد. أسأل الله أن يحفظ هذا البلد من كل مكروه، ويديم علينا نعمة الأمن والأمان ورغد العيش، إنه ولي ذلك والقادر عليه. د. صالح عبدالله الصالح جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية