أكد المستشار الاقتصادي فادي العجاجي أهمية مواجهة تحديات الاقتصاد السعودي، فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، والحد من الاستهلاك المحلي للنفط والغاز، وكذلك توفير وإيجاد المزيد من فرص العمل، وأعلن أن هذه التحديات، التي جاءت في تقرير مؤسسة النقد، يمكن التغلب عليها بأكثر من طريق. وقال «اقتصاد المملكة قوي ومتين بفضل ضخامة الاحتياطيات والثروة النفطية، لكن سوق العمل في المملكة تحتاج إلى إعادة هيكلة، بحيث تنعكس مؤشرات نمو الاقتصاد بشكل مباشر على انخفاض ملموس في معدلات البطالة، وتوفير فرص عمل شريفة بمعدلات أجور تتناسب مع المستوى العام للمعيشة. وأضاف «المملكة لديها هامش ضخم من الفرص الوظيفية التي تستقطب الملايين من العمالة الأجنبية، خصوصاً في قطاع تجارة التجزئة»، يضاف إلى ذلك الميزة النسبية للمملكة في الصناعات البتروكيماوية القادرة على استيعاب جميع المواطنين الراغبين في العمل في مجالات الهندسة الكيميائية.
تنويع مصادر الدخل ضرورة أما فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط، فقال العجاجي إنه «يعتبر هاجس الدولة منذ الخطة الخمسية الأولى. ويتطلب ذلك تعزيز دور القطاع الخاص وتنمية الموارد غير النفطية، وهذا يحتاج إلى مضاعفة الجهود، لتحقيق التوازن والاستغلال الأمثل لجميع الموارد المتاحة والحفاظ على الثروة النفطية الضخمة للمملكة». وأبان أنه «يوجد ارتباط قوي بين أسعار النفط في الأسواق العالمية والكمية المستهلكة من مشتقات النفط في المملكة، مما يعطي إشارات تحذيرية قوية يصعب تجاهلها إلى احتمال تهريب مشتقات النفط السعودي بكميات تجارية خارج البلاد». وقال «فقد بلغ استهلاك السوق المحلية من النفط الخام 2,8 مليون برميل يومياً خلال عام 2010م. وهذه الكمية تجعل المملكة تحتل المرتبة السادسة عالمياً من حيث استهلاك النفط الخام. مخاطر زيادة استهلاك النفط وأشار إلى أن هناك دلالات قوية على أن الكميات المستهلكة من النفط الخام في المملكة غير مبررة من الناحية الاقتصادية. فقد سجلت المملكة أعلى نسبة استهلاك من النفط الخام إلى إجمالي الناتج المحلي، حيث بلغت %18.1 في عام 2010م، كما بلغ معدل الاستهلاك إلى عدد السكان 108 براميل يومياً لكل ألف نسمة، وهذه نسب مرتفعة جداً مقارنة ببقية دول العالم. والجدول أدناه يقارن بين كميات الاستهلاك من النفط الخام وحجم الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان لسبع عشرة دولة سجلت أعلى معدلات استهلاك النفط خلال عام 2010. وأفاد المستشار الاقتصادي أن المقارنات تعطي إشارات على احتمالية تهريب النفط الخام، بكميات تتجاوز ما يتم نقله عبر المركبات التي تعبر الحدود بشكل يومي، أو بعض مراكب الصيد التي تستهلك 10 %من كميات وقود الديزل، وتبيع الباقي في بعض الدول المجاورة. بل يتم تهريب النفط بكميات تجارية بشكل مباشر أو عن طريق مزجه ببعض المواد وتصديره بمسميات مختلفة غنية بمشتقات النفط ويسهل فصلها.
سابك استفادت من الدعم وتابع «لا يكفي تبرير ارتفاع كميات استهلاك السوق المحلية من النفط الخام بالدعم الحكومي الذي يحظى به قطاع الصناعات البتروكيماوية في المملكة، حيث توفر الحكومة النفط الخام بأسعار مدعومة ومستقرة لا تتأثر بتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية. وهذا ما يفسر ارتفاع مبيعات وأرباح شركة سابك مع ارتفاع أسعار النفط، حيث تزداد قوتها التنافسية نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج على الشركات العالمية المنافسة لها». وخلص إلى أن تهريب مشتقات النفط خارج البلاد ليس هو السبب الوحيد لارتفاع استهلاك السوق المحلية إلى مستويات لا تتناسب مع حجم الإنتاج أو عدد السكان. فالكميات المستهلكة من الديزل لنقل البضائع بين المدن مرتفعة جداً بسبب عدم توفر شبكة قطارات، كما أن وسائل النقل العام داخل المدن لم ترقَ حتى الآن إلى المستوى الذي تساهم فيه بشكل معنوي في الحد من استهلاك البنزين الذي يتم استيراده في بعض الحالات لسد حاجة السوق المحلية.