في نقاش ودي، دار بيني وبين صديقي العزيز أحمد، حول مسألة ما، تكرر الحديث حولها، وكثر الالتزام بها أخيرا، ألا وهي التقيد بزمن محدد للتعزية، واقتصار استقبال المعزين على أهل المتوفي بعد تشييعه ودفنه في المقبرة فقط، والاكتفاء بتقبل واجب العزاء في هذا الوقت المقيد دون إقامة سرادق عزاء خارج أسوار المقبرة. اعترض صديقي العزيز على هذه المسألة بشدة، وهو ليس الوحيد الذي عارض ويعارض هذه المسألة، بل هناك عدد لا بأس به من أفراد المجتمع هم ضد هذا التوجه، وباعث اعتراضهم ، ضيق الوقت الذي لن يسمح للكثير من أهل وأقرباء المتوفى وأصدقائه المقربين بالوصول إلى المقبرة، لتقديم واجب العزاء، علاوة على أن تقليص مدة العزاء فيه من المشقة البالغة التي لا يتحملها الناس للوصول إلى منطقة المعلاة، وهي البقعة التي تقع فيها المقبرة بالقرب من الحرم، - أتحدث عن مكةالمكرمة ، وللمدن الأخرى ظروفها - مع ما تشهده المنطقة من ازدحام شديد، بالإضافة إلى احتمالية وصول خبر الوفاة متأخرا لعدد كبير ممن يودون المبادرة للقيام بواجب والعزاء، ومواساة ذوي المتوفي في خطبهم الجلل. فكرة تهيئة موقع ملائم يتيح للجميع الحضور وتقديم واجب العزاء بكل يسر وسهولة ليوم أو يومين أو حتى ثلاثة أيام كحد أقصى، كما هو معمول به في السابق، مطلب ملح من منطلق تغليب المصلحة العامة، ومراعاة ظروف الغير. لكن المؤيدين لمسالة الاكتفاء بتقديم العزاء في المقبرة لهم رأي آخر، وسبب وجيه ومبرر مقنع إلى حد كبير، فهم يرون أنهم يسعون بذلك التصرف إلى العمل بما يناسب المقام، فالاكتفاء بالعزاء في المقبرة بالنسبة لهم هو أقرب إلى تطبيق قواعد السنة النبوية، وأنجع عملا كسبيل للنأي قدر الإمكان عن الابتداع والتكلف، ولا سيما أن بعض مراسم سرادق العزاء أمست تعج بظواهر مؤسفة وممارسات خاطئة.