من المؤسف حقًا، والمؤسف جدًا، بل ومن المؤلم والمؤلم جدًا أيضا، أن يوجد على هذا الكوكب عربي ينتقد أي شكل من أشكال التعاطف مع أخوتنا الفلسطينيين المواطنين العزل في الأراضي المحتلة، من سكان غزة على وجه الخصوص، بحجة أن الفسطينيين هم من أشعلوا فتيل وشرارة هذه الحرب غير المتكافئة. فرغم الأشلاء المتناثرة هنا وهناك، ورغم أنهار الدم التي سالت ومازالت تسيل على قارعة الطرقات، ورغم السلوك الفوضوي وكثافة المجازر التي ترتكبها الآلة الصهيونية بحق النساء الثكالى والأطفال الرضع، لعدم وجود رادع يردعها ويلجم جماحها، مع كل ذلك يوجد هناك من يلوم مشاعرنا حين تتأثر وتتألم لتلك الأحداث المؤسفة. يوترني جدًا أمثال هؤلاء، أصاحب القلوب الباردة، الذين يشعرونك بأن الصهاينة اليهود المحتلين ما هم إلا حمل وديع ساقته الأقدار وسط قطعان من الذئاب الجائعة، التي ما برحت تقتات من جيفهم العفنة، لا أدري كيف يفكر هؤلاء وعلى أي منطق استندوا حتى بلغ بهم الأمر أن ينكروا على المتعاطفين تعاطفهم، كيف أسقطوا من قاموسهم فجأة سبعين عامًا من الاحتلال والاضطهاد والتنكيل، والقتل العشوائي بحق أصحاب الأرض. مؤلم جدًا أن يصدر منهم ذلك السلوك، بالتزامن مع ما نرى ونسمع من تعاطف الشعوب غير العربية على مستوى العالم أجمع لقضية جذبت اهتمام الرأي العام، وأصبحت قضية كل الشعوب، أصحاب هذا التصرف مع كل أسف يصح فيهم قول المتنبي حين قال: «لا خيل عندك تهديها ولا مال... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال».