انضم سودانيون وأجانب مرهقون إلى الحشود المتزايدة في الميناء البحري الرئيسي بالسودان، في انتظار إجلائهم من الدولة المنكوبة بالفوضى بعد أكثر من أسبوعين من القتال الذي حول العاصمة الخرطوم إلى مدينة أشباح. وحزم آخرون حافلات وشاحنات متوجهة إلى الحدود الشمالية للسودان مع مصر. وذكر عطية عبدالله عطية، أمين سر نقابة أطباء السودان، «الحرب لم تتوقف أبدا». ولا يمكن للأطباء التحرك بأمان. وكانت المستشفيات لا تزال محتلة. كما حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي من أن عدد الأشخاص الفارين إلى البلدان المجاورة قد يتجاوز 800 ألف. وكتب على تويتر «إذا لم يتوقف العنف فسنرى المزيد من الأشخاص يجبرون على الفرار من السودان بحثًا عن الأمان». نزوح السكان وتسبب القتال في السودان بنزوح ما لا يقل عن 334 ألف شخص داخل السودان، وأرسل عشرات الآلاف إلى الدول المجاورة، بما في ذلك مصر وتشاد وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا، وفقًا لوكالات الأممالمتحدة. وقال بول ديلون المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في مؤتمر صحفي في جنيف «نشهد الآن بعض المواقف سريعة الحركة للغاية على طول الحدود». وقال، إن ما بين 900 و1000 شخص يصلون يوميًا إلى الحدود مع إثيوبيا حيث «هناك نقص حاد في خدمات الغسيل والطعام والمأوى والمياه والمساعدة الطبية». وعبر ما لا يقل عن 20 ألف شخص الحدود إلى تشاد المتاخمة لمدينة جنينة في دارفور حيث أسفرت الاشتباكات الأسبوع الماضي عن مقتل العشرات وإصابة المئات. ووصفت ألكساندرا روليت سيمبريتش، المديرة القطرية للجنة الإنقاذ الدولية في تشاد، الظروف القاسية للوافدين، وبخاصة النساء والأطفال، الذين لجأ الكثير منهم إلى الأشجار في طقس «شديد الحرارة». وحذرت من أن «هذا يعرضهن بشكل خاص لخطر الاستغلال وسوء المعاملة». دفن الموتى وقال عطية، إن مشارح الجثث في جميع أنحاء العاصمة مليئة بالجثث ولا يزال الناس غير قادرين على جمع الموتى لدفنهم. وأضاف أن العديد من المصابين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات. ومنذ بدء القتال في 15 أبريل، اندلعت اشتباكات عنيفة في مناطق سكنية بالخرطوم ومدينة أم درمان المجاورة الواقعة على نهر النيل مباشرة. وسمع دوي إطلاق نار وانفجارات مجددا. وقال عبدالله الفاتح، أحد سكان الخرطوم، «أصبحت أجزاء كبيرة من العاصمة فارغة». وينتج ذلك عن معركة السيطرة على السودان بين الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان، ومجموعة شبه عسكرية منافسة تسمى قوات الدعم السريع، بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو. بؤر التوتر وعاشت العديد من العائلات رعب الحصار مع سماع دوي الانفجارات وإطلاق النار ولكن الكثير منهم تمكنوا من الخروج من الخرطوم وبخاصة من حي كافوري بالخرطوم، الذي يعد إحدى بؤر التوتر الرئيسية. وذكروا أنهم وصلوا إلى بورتسودان على البحر الأحمر بعد رحلة مرهقة تستغرق 20 ساعة. وهناك، وجدوا الآلاف، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، يخيمون خارج منطقة الميناء. وإن الكثيرين كانوا هناك لأكثر من أسبوع، دون طعام أو خدمات أخرى. مقر إجلاء وأصبحت بورتسودان مركزًا للحكومات الأجنبية لإجلاء مواطنيها عن طريق الجو والبحر. وكان طارق عبد الحميد واحدًا من حوالي 2000 سوري في بورتسودان ينتظرون إجلاءهم بالعبّارات التي تنقل الأجانب إلى مدينة جدة الساحلية في المملكة العربية السعودية أو يتم نقلهم جواً من السودان. وقال، إن بعضهم ظل في منطقة مفتوحة بالميناء، بينما خيم آخرون في مساجد أو نزل بالمدينة. وأضاف أنه تم إجلاء نحو 200 سوري منذ بدء الأزمة، من بينهم 35 يوم الجمعة على متن سفينة متجهة إلى جدة. وقال عبدالحميد، إن أول رحلة جوية متجهة إلى دمشق تقل عشرات المرضى وكبار السن من المقرر أن تقلع في وقت لاحق. وعند نقاط العبور المزدحمة مع مصر، انتظرت آلاف العائلات لأيام داخل الحافلات أو سعت للحصول على مأوى مؤقت في مدينة وادي حلفا الحدودية للانتهاء من أوراقها للسماح لها بدخول مصر. دمار واسع ووصف أحد النجاة الوضع في الخرطوم قائلا، إنه حدث دمار ونهب واسع النطاق بخاصة في الأحياء الراقية بالعاصمة. وقال، إن جاره أخبره عبر الهاتف أن مسلحين اقتحموا منزلهم في حي العامرات بالخرطوم، بعد يوم من فرارهم من العاصمة. ولجأ العديد من السودانيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى من اقتحام منازلهم ونهبها من قبل رجال مسلحين. استمرار القتال وأفاد سكان أن أصوات الانفجارات وإطلاق النار ما زالت تتردد في أنحاء كثيرة من العاصمة، مع وقوع اشتباكات عنيفة حول مقر الجيش والمطار الدولي والقصر الجمهوري بالخرطوم. وأضافوا أن طائرات حربية شوهدت تحلق في سماء المنطقة. واستمر القتال على الرغم من إعلان الجانبين الأحد أنهما سيلتزمان بتمديد وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لمدة ثلاثة أيام للسماح بممرات آمنة للعاملين في مجال الرعاية الصحية ووكالات الإغاثة العاملة في العاصمة. تطورات أخرى: أحصت وزارة الصحة السودانية ما لا يقل عن 530 قتيلاً، وجرح 4500 آخرين، لكن هذه الأرقام لم يتم تحديثها منذ ذلك الحين. جاء تمديد الهدنة نتيجة زيادة الضغط الدولي على الجنرالات المتنافسين لوقف القتال والدخول في مفاوضات وسط كارثة إنسانية متفاقمة. اتفق الجانبان على إرسال ممثلين لإجراء محادثات من أجل وقف إطلاق النار، وفقًا لمبعوث الأممالمتحدة في السودان، فولكر بيرتيس. أدى الصراع على السلطة إلى عرقلة جهود السودان لاستعادة انتقاله الديمقراطي