في تطور خطير للأحداث تحول مسار الاتفاقات التي كانت تجري في السودان بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع إلى صراع مسلح، حيث اندلع قتال عنيف، مما أثار مخاوف من صراع أوسع في الدولة التي تعاني من الفوضى. وتوجت الاشتباكات أشهرا من التوترات المتصاعدة بين الجانبين، ويعكس التطور العسكري الحالي صعوبة الرجوع إلى لغة التفاوض والحوار بين قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد دقلو «حميدتي»، رغم الوساطات المحلية والإقليمية والدولية، وقد أثار ذلك دعوات عربية ودولية تطالب بالتهدئة وضبط النفس للحفاظ على سلامة وأمن المواطنين هناك. إدانة الاشتباكات ودعت السعودية المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق، ومن ذلك الاتفاق الإطاري الهادف إلى التوصل لإعلان سياسي يتحقق بموجبه الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان وشعبه الشقيق. وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن عميق القلق والانزعاج تجاه العمليات القتالية الدائرة حاليًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، داعيًا إلى ضرورة وقف إطلاق النار وحقن الدماء بشكلٍ فوري. كما عبر البرلمان العربي عن قلقه تجاه التطورات الجارية في السودان، مطالبًا الأطراف كافة بأن تضع نصب أعينها المصالح العليا للشعب السوداني. ودعا الأمين العام حسين إبراهيم طه لمنظمة التعاون الإسلامي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والعودة إلى مسار الحوار وتغليب صوت العقل. وقد أشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، وقطر والإمارات والعديد من الدول عن قلقهم البالغ جراء حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية هناك. ومن الناحية الدولية دعا الاتحاد الأوروبي جميع القوى السودانية المتفارقة إلى وقف العنف على الفور. وقال الممثل الأعلى الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن جوزيب بوريل إن الأنباء التي ترد عن القتال في السودان مفزعة، مؤكداً أن التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع. فيما أدان الممثل الخاص للأمين العام للسودان رئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؛ كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، وجوزيب بوريل؛ ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد. بشدة اندلاع القتال في السودان. إطلاق النار ويأتي القتال بعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين الجنرالات وسنوات من الاضطرابات السياسية بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021. وقالت مجموعة أطباء إن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب العشرات. ويمكن سماع صوت إطلاق نار كثيف في أنحاء العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، حيث حشد كل من الجيش وقوات الدعم السريع عشرات الآلاف من القوات منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021 الذي أخرج مسار السودان الهش نحو الديمقراطية. ووصف السكان مشاهد الفوضى في الخرطوم وأمدرمان حيث دوى إطلاق نار وانفجارات في أحياء مكتظة بالسكان. بأنها أثارت الفزع والخوف بقولهم: «الجميع يركضون ويبحثون عن مأوى». صراع إقليمي كما حذر رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي أطيح به في انقلاب 2021، من احتمال اندلاع صراع إقليمي إذا تصاعد القتال. وحث قادة الجيش وقوات الدعم السريع على وقف الأعمال العدائية على الفور. وقال في رسالة فيديو نُشرت على حسابه على تويتر: «إطلاق النار يجب أن يتوقف على الفور». بؤر التوتر وأظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية، أن أحد بؤر التوتر كان مطار الخرطوم الدولي. وبدأ عدد من الدول في تحذير مواطنيها بالسودان، حيث دعت وزارة الخارجية السعودية المواطنيين المتواجدين في السودان إلى أخذ الحيطة والحذر والتواصل معها ومع السفارة واتباع جميع التعليمات. وأوضحت الخطوط السعودية أنها علّقت جميع رحلاتها من وإلى السودان حتى إشعار آخر، وذلك بعد تعرض طائرة من طراز «أيرباص» A330 على الرحلة رقم SV458، لإطلاق نار في مطار الخرطوم الدولي قبل إقلاعها متجهة إلى الرياض، كما وأعلنت شركة مصر للطيران وقف رحلاتها الجوية من وإلى مطار الخرطوم بالسودان مؤقتاً، وذلك اعتباراً من يوم السبت ولمدة 72 ساعة. وأوضحت أن قرار وقف الرحلات جاء بسبب اضطرابات في الأوضاع الأمنية بالسودان، مشيرة إلى استمرار هذا القرار لحين الوقوف على مستجدات الأوضاع في البلاد. وفى تركيا أعلنت شركة الخطوط الجوية التركية عن إلغاء رحلاتها الجوية إلى السودان. الاشتباكات في السودان: تبادل الجيش وقوات الدعم السريع اللوم في اندلاع الاشتباكات تركزت في الخرطوم ومناطق أخرى في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك الإقليم الشمالي، ومنطقة دارفور ومدينة بورتسودان الساحلية الإستراتيجية على البحر الأحمر. تنبع التوترات الحالية بين الجيش والقوات شبه العسكرية من الخلاف حول كيفية دمج قوات الدعم السريع، بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، في الجيش وما هي السلطة التي يجب أن تشرف على العملية. كان الاندماج هو شرط أساسي لاتفاق السودان الانتقالي غير الموقع مع الجماعات السياسية. وبدأ القتال في قاعدة عسكرية جنوبالخرطوم وتبادل الجانبان الاتهامات بشن هجوم.