«وفاة طفل مختنقا بعد أن نسوه في باص المدرسة». هكذا ورد الخبر الذي نقل فاجعة وفاة طفل القطيف حسن علوي (5 سنوات) الذي نسيه السائق في الحافلة ففارق الحياة. لكن كثيرين تساءلوا، كيف يختنق طفل في حافلة مدرسية حتى يفارق الحياة؟. وفي وقت أعادت فيه استشارية طب الأطفال المتخصصة بالأمراض الوراثية والاستقلابية فوزية فائز آل زيد الشريف اختناق الأطفال المنسيين في سيارات ذويهم والحافلات المدرسية إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل السيارات إلى حد يصيب الطفل بالجفاف والاختناق، أكدت دراسات أن ارتفاع حرارة الطقس تؤثر على التنفس، فيصبح الشخص غير قادر على التقاط أنفاسه. الخطر الرئيس شددت الدكتورة فوزية على أن «الحرارة تمثل الخطر الرئيس على الأطفال الذين يتركون دون رعاية في السيارات». وأوضحت «من الممكن أن يصاب الطفل بضربة شمس قد تهدد حياته لأنها تسبب له الجفاف السريع، وكذلك الاختناق، فالموت». وعلّلت الأمر بأن «السيارات بكافة أنواعها يمكن أن تصبح ساخنة جدا بسرعة كبيرة عند إغلاقها وإقفال نوافذها». 10 دقائق يؤكد تقرير أصدره مجلس السلامة الوطنية في أمريكا بعد أن أحصى معدلا يصل إلى 37 وفاة سنويا للأطفال الذين يتم نسيانهم في السيارة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن تلك الوفيات تعود إلى ارتفاع درجة الحرارة، وحدوث الاختناق. وأشار التقرير الذي تناول «الأطفال داخل السيارات الساخنة»، إلى أن 10 دقائق ستكون كافية بعد إقفال السيارة ونزول ركابها منها لترتفع درجة الحرارة داخل السيارة 20 درجة، وهذه الزيادة كافية لتؤدي إلى الموت خصوصا حينما يتعلق الأمر بالأطفال. ارتفاعات سريعة تشير أبحاث أجريت في جامعة سان فرانسيسكو إلى أن الحرارة الداخلية للسيارة ترتفع بعد 10 دقائق بأكثر من 10 درجات لو كانت الحرارة الخارجية 21 درجة فقط، وتصل بعد 20 دقيقة إلى 37.22 درجة، وبعد 30 دقيقة تصل إلى 40 درجة، وبعد 60 دقيقة تصل إلى 45 درجة، وبعد ساعتين تقترب من 50 درجة. حرارة مرعبة أكدت الدكتورة فوزية أن الأمر يصبح أشد خطورة في حال كانت درجات الحرارة الخارجية مرتفعة، حيث ترتفع حرارة السيارة المقفلة بشكل أسرع، وقالت «في الواقع ترتفع درجة الحرارة داخل السيارة المتوقفة لأعلى من 40 درجة مئوية، مما هي عليه في الخارج لا سيما في الأيام الحارة، وقد يستغرق الأمر أقل من 5 دقائق حتى تصل درجة حرارتها إلى درجة حرارة يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بالأطفال، وهذا لا يعني مطلقا أن الأطفال لن يصابوا بالاختناق داخل السيارة في الأيام الباردة، فحتى خلال تلك الأيام يمكن أن ترتفع درجة حرارة السيارات إلى مستويات خطيرة أو قاتلة، وهذا ينطبق كذلك على الأيام الملبدة بالغيوم أو عندما تكون السيارة متوقفة في الظل». وفي هذا الجانب تحديدا، تقول الفنانة التشكيلية كريمة المسيري المهتمة بالشأن المجتمعي «كانت درجات الحرارة الخارجية وقت وفاة الطفل حسن علوي تقارب ال39 درجة، وربما أكثر». وأضافت «لا شك أن هذا المستوى في درجات الحرارة مع ربما فرط حركة الطفل المتوقع داخل السيارة المغلقة يضاعف الإجهاد بالنسبة إليه، ويجعله يفقد كميات كبيرة من السوائل». الأكثر حساسية تبين الدكتورة فوزية أن الأطفال الأشد تضررا حال نسيانهم في السيارات هم الأكثر حساسية من الشمس والحر الشديد، وقالت «كلما كان الأطفال الصغار أكثر حساسية لضربة الشمس كلما زادت سرعة الجفاف فيؤدي ذلك إلى الوفاة». وتابعت «من المخاطر الأخرى التي تهدد الأطفال محاولتهم تحرير أنفسهم من مقاعدهم وكثرة الحركة، مما يزيد من الجهد البدني الذي يبذلونه ويسرّع إصابتهم بالجفاف». تدريب مهم تشير الفنانة المسيري إلى أهمية الحوار بين الأمهات والأطفال، وأن يعملن على تدريب الأطفال على الهدوء حال نسيانهم في السيارة تحت أي موقف، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة. ونوهت إلى أهمية مراعاة تثقيف الأسر على ضرورة أهمية عامل الوقت وأهمية التواصل بينها وبين المدرسة عبر إشعارات متبادلة أولا بأول عن وقت صعود الطفل للحافلة ونزوله منها، الأمر الذي يمكن من إنقاذ الأطفال في حال تأخير وصولهم للمنزل أو المدرسة. تيبس الأطراف في تصريح له، ذكر والد الطفل المتوفى في القطيف أن أعضاء الصغير كانت متيبسة، واصفا الأمر بأنه أحس بخشونة يد الطفل حين حاول شدها. وطبيا فإن التيبس يبدأ بعد بضع ساعات من الوفاة، حيث يؤكد الأطباء أن مستوى الأوكسجين يتناقص بعد عدة ثوانٍ أو دقائق، وتتباطأ وتيرة نشاط الدماغ وتتوقف الخلايا العصبية عن العمل تماما، ثم يتم استهلاك ما تبقى من مخزون أدينوسين ثلاثي الفوسفات (Adenosine triphosphate)، الذي يوفر الطاقة اللازمة للجسم، فتسترخي العضلات، وبعد نحو 20 دقيقة تشحب البشرة، ويتوقف القلب عن ضخ الدم، وتتوقف الدورة الدموية في الجسم كليا، ثم تنخفض حرارة الجسم مباشرة بعد توقف القلب. وبعد بضع ساعات يبدأ لون الجلد بالتغير نتيجة تجمع الدم في منطقة محددة من الجسم، وبعد نحو 3 ساعات من الوفاة تبدأ حالة التيبس الميتي نتيجة تدهور حالة الخلايا العضلية وتسرب الكالسيوم إليها ليرتبط مع البروتينات المتواجدة في العضلات مسببًا تقلص العضلات وتيبسها تاركًا الجسم عالقًا في وضعية معينة ومتيبسًا لفترة 24 - 48 ساعة.