لا شك أن السعي في الإصلاح بين الناس مطلب إنساني جاء الإسلام فأكده وحث عليه، ووعد بالأجر الجزيل أولئك الساعين للإصلاح بين الناس، وصدق الله أحكم الحاكمين حين قال: «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس»، بيد أن من المحزن والمزعج ما أصبحنا نشاهده اليوم من قضايا الصلح والطلب والمناشدة في قضايا القتل، وما يتبع ذلك أحيانا من مبالغات في طلب مبالغ مليونية تثقل كاهل أهل القاتل، وقبيلته، بل والراغبين في عمل الخير، والمشكلة الأكثر ألما ما يصاحب ذلك أحيانا من فوائد تجنيها بعض النفوس الضعيفة المريضة من مثل هذه القضايا في قاعات الصلح، وساحات الوساطة، وهي ساحات وقاعات أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تنقل مقاطع متلاحقة فيها، لما فيها من صور تدل على الرغبة في الخير، والحرص على إحياء النفوس، ولكنها تحتاج من وجهة نظري إلى تدخل حكيم من الرجل الذي يبادر ويرسم وينفذ المبادرات الوطنية المفيدة ألا وهو أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز ، الذي أقدم بين يديi اقتراحا أراه جديرا بالنظر فيه، وقد عرفته ذا نظرة وطنية وحضارية وإنسانية ملهمة، وأخاطبه بكل شفافية يحبها وأقول له: تلاحظون «حفظكم الله» المبالغات المليونية التي وصلت إليها بعض قضايا الشفاعة في الدم، وأصبحت هذه المطالبات تدار عند الخيرين تحت رغبة ملحة لديهم في إحياء النفوس، وحقن الدماء، وربما كانت المنافع الشخصية عند القلة خلف وصولها إلى هذه المطالبات المبالغ فيها، ولأنكم صاحب المبادرات الخيرة، والرؤى الثاقبة التي تنظر بعين المصلحة العامة، قياما بواجب المسؤولية التي وضعت على عاتقكم من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله، ولأن الأمور قد تجاوزت أحيانا حدود المعقول في بعض القضايا؛ فإني أقترح على عمل ميثاق وطني يتعهد فيه الموقعون من «شيوخ القبائل ورجال الأعمال والوجهاء» على عدم المشاركة في أية قضية قصاص تزيد عن مبلغ معين، وقد ترون أن يكون «خمسة ملايين» أو أقل من ذلك، ويمكن أن يسمى هذا الميثاق مثلا ب: «ميثاق عسير». وأثق أن هذا الميثاق سيكون تعهدا يرفع الحرج عن الراغبين في عمل الخير، ويقطع الطريق على من قد يحاول الاستفادة من مثل هذه القضايا، وستكون إمارة عسير مع أميرها الهمام سباقة كعادتها إلى تبني هذا الميثاق الذي يمكن أن تستفيد منه إمارات المملكة العربية السعودية المختلفة.