يمكن القول إن الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، والتي ابتدأت منذ ثمانية أشهر لحد الآن، ربما هي أطول أزمة مرت بها العملية السياسية، والتي دخلت فيها عناصر جديدة غيرت خارطة القوى والاصطفافات التي كانت سائدة طوال المدة السابقة. لقد كانت وما زالت هناك اصطفافات مذهبية، وواهم من يتصور غير ذلك، فالاصطفاف السني قبالة الاصطفاف الشيعي، ويقابله الاصطفاف الكردي، أما الاصطفاف الشيعي، وأمام هذا المشهد المتلاطم، فتتعارض فيه الأدوار والمواقف السياسية، ولا زالت مواقف القوى المستقلة غير واضحة. كتل المستقلين التي تشكلت مطلع 2021 من المرشحين الفائزين البالغ عددهم 30 عضوًا، بالإضافة إلى نواب حركة امتداد بتسعة أعضاء والجيل الجديد بثمانية أعضاء، وإشراقة كانون بستة أعضاء، وبذلك يكون العدد الكلي لهم 53 نائبًا، وهذه القوة هي صاحبة الأصوات الأكثر والجمهور الأكبر، اتجهت نحو المعارضة في داخل مجلس النواب. وهذه الثوابت التي أعلنتها، والتي بما فيها من السعي في بناء دولة المواطنة، ومكافحة الفساد المالي، والمحافظة على القرار الوطني المستقل.. اتفقت عليها القوى الوطنية جميعها، لابد لهذه القوة المستقلة أن يكون لمواقفها السياسية الموحدة دور واضح في الحياة السياسية، وتسهم في تشكيل المنظومة السياسية القادمة، بما يتناسب وثوابتها، وما يخدم متطلبات جمهورهم وناخبيهم، وتقدم معطيات ينبغي أن تكون محفزًا للقوى السياسية الجديدة؛ لأداء دور سياسي ونيابي ورقابي أكبر، من خلال تواصلهم مع بقية القوى السياسية، ومحاولة الوصول إلى رؤية مشتركة تضمن ترسيم مواقفهم، وبما يتفق وبرامجهم الانتخابية، وفق مبدأ الاستقلالية مستقبلا. لابد للمستقلين أن يسعوا لرئاسة بعض اللجان النيابية، وإيجاد تمثيل أكبر، وفق خطة سياسية مدروسة وبرنامج انتخابي محدد، بالإضافة إلى تمثيل أكبر في اللجان الأخرى، أما على المستوى السياسي فينبغي أن يكون لهم بصمة واضحة في العمل باستقلالية تامة، بعيدًا عن التأثيرات السياسية الحزبية، وأن لا يتم استغلالهم من أي طرف سياسي؛ ليكونوا بيضة القبان في أي معادلة سياسية قائمة أو حكومة تتشكل مستقبلاً.