في مشهد يتكرر كل عيد، ينتشر باعة الألعاب النارية "الطراطيع" في الأسواق والطرقات، غير آبهين بالأنظمة والتعليمات التي تمنع وتجرم هذه التجارة، محاولين بذلك الفوز بزبون يجهل خطر تلك الألعاب، لتتحول أعيادنا في نهاية الأمر إلى ما يشبه "حرب شوارع" أو ألعاب الحرب إن صح التعبير. يقول المواطن عبيد العطوي: "أصبحت الطراطيع ظاهرة اجتماعية في كل موسم عيد، رغم الجهود المبذولة إلا أنها في تنامٍ مخيف، خاصة في الآونة الأخيرة إذ أصبحنا نشاهد أنواعا خطيرة وذات انفجارات كبيرة، وأكد العطوي أن القضية يتحملها طرفان، الأول هو المجتمع نفسه، خاصة الآباء والأمهات في شرائهم لتلك الألعاب النارية الخطرة لأطفالهم رغم التحذيرات بمخاطرها، فيما يتحمل الجزء الثاني وزارة التجارة والجمارك، بالسماح بدخول تلك الممنوعات عبر الموانئ والمنافذ، وأشار العطوي إلى أن هناك مجموعة من التجار الكبار يستغلون هذه المواسم في الترويج للخطر، على حد وصفه. فيما يعزو مشرف النشاط الكشفي بتعليم تبوك نايف إسماعيل العنزي، أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى ضعف الوازع الديني لدى التجار المستوردين والموزعين لهذه الألعاب الخطرة، التي تؤثر تأثيرا بالغا في الممتلكات العامة والخاصة، وكذلك المشاهد المأساوية التي نراها من خلال الحوادث التي يتعرض لها أبناؤنا، مبينا أن تقارير المستشفيات والدفاع المدني خير شاهد على ذلك، مؤكدا على دور وسائل الإعلام بالتوعية المركزة تجاه العواقب الوخيمة التي تنتج من جراء العبث بهذه الألعاب، ونادى العنزي، بسن قوانين رادعة لمن يتاجر ويوزع مثل هذه الألعاب، والتشديد على مستورديها وتطبيق عقوبات واضحة ومعلنة للجميع، إضافة إلى إقامة حملات إعلامية على مستوى كبير، خاصة قبل الأعياد للتعريف بحجم المخاطر الناتجة عن هذه الألعاب، مطالبا ب "تعويض شغف الأطفال بهذه الألعاب من خلال إقامة حفلات ألعاب نارية كبيرة ومشاهدة على مستوى المدن". إلى ذلك أوضح ل "الوطن" أحد باعة تلك الألعاب رفض الكشف عن هويته أن تجارة الألعاب النارية تجارة رائجة، خاصة هذه الأيام، مبينا أنه يعمل في هذا المجال منذ 6 سنوات، حيث يقوم بشرائها من موزعين في منطقة وسط البلد في جدة "باب مكة وباب شريف" ومن ثم يقوم بترويجها بين زبائنه، خاصة صغار السن بالمنطقة، وقال "سماسرة الألعاب النارية في جدة حذرون جدا، فما إن تلتقي بأحدهم حتى تجد مجموعة أخرى تراقبك وتفحص المنطقة، خوفا من أن تكون أحد رجال البحث"، وأضاف "شفرتهم للبحث عن زبائنهم هي كلمة طرطع". وبسؤاله عن مصدر تلك البضاعة أجاب"الألعاب النارية تأتي عن طريق ميناء جدة، قادمة من دولة الإمارات، وكذلك تأتي عن طريق الحدود السعودية اليمنية"، وختم حديثه قائلا "وجدت مستودعات كبيرة في مدينة جدة، تقدر قيمة الألعاب النارية فيها بحوالي نصف مليون ريال"، مستنكرا من قصر الرقابة على الشباب البسطاء، الذين يبحثون عن لقمة عيشهم، فيما يترك العنان للمستورد الرئيسي. وكانت عدد من الدراسات النفسية قد أكدت أن استخدام الألعاب النارية والمفرقعات ينمي السلوك العدواني لدى الأطفال، خاصةً في حالة شغفهم بهذه الألعاب. وأشار باحثون إلى أن الألعاب النارية قد تؤثر بصورة سلبية عند بعض الأطفال، الذين يتولد لديهم شعور بالخوف من مجرد سماع فرقعتها أو النيران والدخان المنبعث منها، وينمو هذا الشعور لدى الطفل مع العمر. من جهته، أوضح ل "الوطن" الناطق الإعلامي لأمانة تبوك الدكتور رياض غبان، أن ظاهرة بيع الألعاب النارية ازدادت بشكل كبير، مؤكدا على أنه ليس من صميم عمل الأمانة مصادرة تلك الألعاب، فدور الأمانة يتوقف عند رصد مواقع بيع تلك الألعاب وإبلاغ الدفاع المدني والدوريات الأمنية بها، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا بين الأمانة والجهات الأمنية في هذا الشأن. وفي ذات السياق حذر الناطق الاعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة تبوك العقيد ممدوح العنزي، من مخاطر الألعاب النارية، مؤكدا وقوع عدد من حوادث الحريق والإصابات خلال السنوات الماضية جراء استخدامها من قبل الأطفال.