بعد انقطاع طويل دام أكثر من 15 عاما، عادت الدراسة لتوافق أيام الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، وسط توقعات عدة أن تواجه الأهالي والطلاب وحتى المعلمين صعوبات، خصوصا بعد اعتيادهم النوم خلال هذا الشهر فترات طويلة، مع اعتيادهم تحويل ليالي رمضان إلى ليالي تعد الأكثر حيوية مقارنة بغيرها من الليالي. ولعل هذا الأمر هو ما دفع عددا من الأهالي والطلاب للمطالبة بأن تكون أيام الشهر أيام إجازة، إلا أن وزارة التعليم أقرت الدوام فيه مع تعديل في بعض الساعات. ورأى كثيرون أن الانتظام في الفصول سيؤدي إلى ضبط سهر الطلاب والمعلمين وحتى أسرهم، حيث سيحرص هؤلاء على عدم المبالغة في السهر كما اعتادوا سابقا، بما يتيح لهم فرصة الدوام والتركيز في اليوم التالي. وتوقع البعض أن يكون هناك بعض المصاعب في الأيام الأولى للشهر الفضيل، وهم يوصون بأن تبدأ الأسر التعامل مع ليالي رمضان على نحو مختلف عنها في أشهر رمضان الماضية استجابة للمستجدات التي يفرضها الدوام المدرسي في الشهر الفضيل. إرهاق الأمهات اعتاد الناس في رمضان السنوات الماضية على النوم غالبا من بعد صلاة الفجر، وحتى صلاة الظهر، ولكن وزارة التعليم قررت أن يبدأ اليوم الدراسي بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحا، الأمر الذي سيرهق الأمهات والطلاب على حد سواء. وستجد الأمهات صعوبات جمّة في تنظيم نومهم، خصوصا بعد اعتيادهم ممارسة روتين رمضاني لم يتضمن الدراسة خلال هذا الشهر. وتقترح سيدات بعض الحلول لتجنب الإرهاق المصاحب للصوم على الطلاب وحتى العائلات. عبادة وعمل تتحدث ريم الشمري، وهي وكيلة إحدى المدارس المتوسطة في نجران عن ذهنية الطلاب واستقبالهم للمعلومات أثناء الشهر الفضيل، وتقول «مما لا شك فيه أن العبادة والعمل قيم متلازمة في الإسلام، فالعمل يسعى به الإنسان إلى رزقه الذي يقويه على عبادة الله، والعبادة طريقة المرء روحيا للتخلص من أنكاد الدنيا والسمو بالروح إلى الجنة، ورمضان شهر الصيام، وفيه يتوازن الطعام، ويصفى الذهن إذا حافظ المسلم على تنظيم وقته وطريقة أكله وتغذيته بشكل صحي». وتضيف، «ينبغي على الأهالي أن ينتبهوا جيدا إلى أكل أبنائهم من حيث التنويع والأصناف المفيدة، وتجنب الأكل غير الصحي المسبب للتخمة، والذي لا فائدة تعود منه على الطالب جسدياً أو ذهنياً». توفير الجهد تشير الشمري إلى أن «إعداد الأطباق الرمضانية يستلزم وقتا كبيرا، ولأن تلك الأطباق غالبا ما تتضمن مأكولات خفيفة مثل السمبوسة، تضطر بعض الأمهات العاملات إلى طريقة الفرزنة لتقليل الوقت والجهد في رمضان». وتضيف، «الطقس لدينا بات معتدلا في السنوات الأخيرة الماضية، ويصادف أن يأتي رمضان هذه السنة مصحوبا بغيوم ومطر، ولعل انخفاض درجات الحرارة ينعكس تحسنا على مزاج أغلب الناس، وهذا لا شك سيساعد الطلاب والمعلمين على أداء عملهم أثناء رمضان بنفسية جيدة خلال النهار، أما خلال الليل فسيكون الجو مناسبا جدا للنشاطات الخارجية مثل لعب الكرة والمشي أو حتى التنزه». صعوبة الدراسة تقول أم راكان، وهي أم لديها ثلاثة أطفال تحت سن الدراسة، لكنها في الوقت نفسه طالبة جامعية، «أكثر ما أستصعبه أثناء الدراسة في رمضان هو تنظيم نومي ونوم أطفالي، فقد اعتدنا خلال شهر رمضان السابقة أن ننام بعد صلاة الفجر، وهذا قد يكون صعبا هذا العام». وتضيف أم أحمد، وهي ربة منزل ولديها عدة أبناء في مختلف المراحل الدراسية، «لا أفضل أن يطيل أولادي السهر، وذلك للتأثيرات السلبية للسهر على نفسية الطفل التي تتجلى في القلق والإرهاق، ودائما ما أقوم بتقديم وقت وجبة السحور كي نذهب جميعا إلى النوم مبكرا، فلا أرى أن في الأمر مشكلة كبيرة بالنسبة لي أو لأطفالي». فقدان المساعدة تضيف أم أحمد «كثيرا ما تستعين الأمهات ببناتهن في إعداد وجبات الإفطار الرمضانية، لكن كثيرات منهن سيفتقدن هذا الشهر للمساعدة مع حرصهن على منح البنات فرصة للقيلولة بعد الدوام المدرسي، بما يمكنهن من الراحة والاستعداد للدراسة بعد الإفطار».