نحن نعلم كافةً أن الدنيا دار نزاعات وابتلاءات، وطريق مليء بالعقبات والتحديات، هذه الحياة خطرة ولكنها مبنية على المغامرة، نحن خلقنا فيها وحقيقة موتنا حتمية، لكن الله طالب كلا منا أن يختار الموتةَ التي تليق به، أن تموت واقفًا على قدميك رافعا رأسك تحمل السيف بيدٍ من حديد، قاصدًا الموت عزيزًا، قويًا، منتصرًا لا مغلوبًا، لا يجب أن ننجح لكن يجب نقاوم، لم نوجد كي نقف جمودًا كسائر المخلوقات، بل أساس وجودنا المحاربة، محاربة الهزائم، الأفخاخ، اللؤماء، المكائد، ومكر الماكرين، ومن ينصب ويضع لك العوائق. علينا ألا نرفع شارة الاستسلام أبدًا، أن نظل نعافر إلى آخر ذرةٍ، من ليس مستعدًا لهذا فليمت أفضل، أو فليبقى في كهفٍ مظلمٍ معتزلًا الظهور. ليبقى نائمًا، قائمًا، منكمشًا على نفسه، في ركن صغير يبكي خشية القادم. الحياة للشجعان فقط من لا يهابون الموت بل يسعون ليموتوا أقوياء شرفاء، جميعنا سنموت فهو ليس بشيء نهابه، لكن موتك كما تموت البعير في فراشك هذه هي النكبة هذه هي الخسارة، أن تعيش وتموت حاملًا خزي وعار عدم محاولتك. حاول، حاول وافشل، اختر الصمود لا تكن جمادًا وجودك عبثي في الدنيا، وواجه مخاوفك وإلا ستظل خائفًا إلى الأبد، الطيور تنطلق كل يوم لا تكترث بشأن المفترسات فهي مجبورة ومفطورة على الخروج مهما كان الثمن. فالنهاية من عند الله لكن الخطوات ملكك، أنت لا تختار متى تسقط، لكن تختار كيف تسقط. هل تسقط تنوي النهوض أم تسقط مختارًا الرقود؟ وكأن وظيفتنا في هذه الحياة اتباع طرق الخلود والمحافظة على أعمارنا! لمَ نقدس حياتنا إلى هذا الحد؟ لماذا نمتنع عن المغامرة خوفا على خسارة حياتنا؟ أنت في أي حال وأي وقت ستخسرها إذًا اخسرها بنصر بجرأة. إن جرحت فلا بأس، إن فقدت شيئًا عزيزًا لا مشكلة ستعوضه، إذا تعثرت لا تقلق سترمم، وإن تشتت سيلمم شتاتك. المهم ألا تيأس ألا تتجمد، فكل شيء يهون في سبيل غايتك، ألم ترى الأطفال حين يتعلمون السير يؤذون أنفسهم تنغزهم الأحجار في الأرض يخطئون ويحاولون من جديد، هذه هي الفطرة أن تقع لكن لا تستقر في القاع لكن تصنع سُلمًا إلى السطح، أن تغرق ولكن تعوم كي تطفو إلى اليابسة. المشاكل التي تحدث ستحدث مهما فعلت، المهم أن تتعلم كيف تواجهها، أن تستعد لها بكامل قواك، كأن يأتيك عدو على حين غرة هل ترفع يديك متجنبًا القتال أم تمسك سلاحك إلى أن ترفع راية النصر وتموت شهيدًا ودمك فداء للوطن. ومن المقولات التي أثرت بي واتخذتها قاعدة، والتي ألهمتني بكتابة هذا المقال قول السيد (عبدالله عائض) ملقيًا نصيحةً لابنته: «يا ابنتي تعلمي السير على الشوك، فالدنيا ليست دائمًا ستنثر لكِ الورد» وقالت لي أمي يومًا: «خُلقنا في عالم لا يحترم سوى القوي، فاختاري أسلوبكِ فإما أن تكوني قويةً تُحتَرم أو ضعيفة تهزم». لذا أسلك طريق القوة كي لا تعد خائبًا. سر على الشوك، ولا تتوقع من الدنيا الترحيب بالزهور. يجب أن تكون جاهزًا أن تفزع في أحب شيء لك، سواء كان مالًا، أهلًا، أبناءً، أن تكون مهيأ لخسارة أي شيء وكل شيء، أن تكون متماسكًا لا يكسرك كل شيء، لا تخترقك كل الرياح، ولا تثقبك كل الإبر، أن تعلم أن تقبل على المهلكات لا الفرار منها، فأنا أتعجب ممن خُطف مثلًا ودافع وعندما خاف أن يقتلوه تراجع! لمَ تتراجع؟! اجعلهم يقتلونك المهم ألا تجعلهم قادرين على ترويضك والتحكم بك، وأنا أحترم كل شخص ألقى بنفسه مثلًا فوق طفلة في السكة الحديدية ليحميها من اندفاع القطار، أو من خاطر بروحه لينقذ صديقه من هجوم الأسود والضباع، لا يوجد شيء يسمى انتبه لنفسك! ما دمت تحمي شيئًا يستحق فاحميه لآخر نفس بك، فهذا لن يكون انتحارًا بل سيكون جهادًا، جهادًا في سبيل حماية وطن، أرض، عرض، مال، هدف وحلم أو وظيفة، جهاد للحفاظ على قيمك مبادئك، فلو كلفك الأمر وفقدت كل شيء لا تفقد نبلك، قيمك، دينك، لا تكن هشًا تتفتت بهبوب نسمات ضئيلة. كُن باسلًا حازمًا مع نفسك لا تكن حصينًا مُؤمنًا طوال الوقت. ولدنا ولكل منا معركته فلا ترضخ في منتصف دربك، واعلم أن الأبطال يصنعون من المعاناة والشدائد، وكل وغز، وألم، وكل جرحٍ، وندبْ، يشيدون جدارا مانعا لا ينقض.