للوهلة الأولى التي أيقنت حينها أن هذا المرض قد اكتسح جسد أختي، وأخذ منها صحتها وأتعب جسدها، لم يكن الألم لها وحدها فقط، لكن كل العائلة قد أنزفهم ذلك، وأوجعهم وضخ في أجسادهم الهم والحزن، لكن أملنا ويقيننا بالله كبير، تلك الجرعات التي هدت جسدها وآلمته، وأشعرتنا بالكثير من الغصص التي غضضنا الطرف عنها، تلك الجرع التي أدمت قلوبنا قبل أن تصل إلى جسد أختي التي صبرت واحتسبت ورجت ما عند الله، فهي صابرة منذ عهدتها، لا تشكي ولا تطلب ولا تستنجد إلى من الله وحده. لم أكن أتخيل أن يزورنا هذا المرض، ويعيش في أطهر جسد وأنقى قلب، لكنها حكمة الله، أراد أن يشعرنا بالنعم التي نحن غافلون عنها ولا نؤدي شكرها، تلك الجرعات التي أوهنت جسد أختي وأتعبته، كانت كفيلة بأن تحيي قلوبنا الغافلة ونتفكر بمن تعايشوا مع هذا المرض وأصبحت الجرعات لهم غذاء، نسمع عنهم ولا نراهم، ندعوا لهم بظهر الغيب ابتغاء الأجر.. لكنه اليوم بيننا نشاهد عوارضه وآلامه الدفينة في جسد أختي، نراها تقاومه بكل قوتها، وتتناساه من أجل أن لا تؤذي أمي وأبي، لا تشعرهم بالألم، ولا بأنه يقتاد من جسدها ومن بريقها، تحاول بكل قواها أن تصبر على الأذى والمرض، ونحن نراها قوية فنزداد قوة بقوتها، وندعوا لها في كل وقت، ولكل مرضى تلك الجرع الكيميائية.