هل تعلم بأنك في نعمة كبيرة أعطاك الله إياها، وفضّلك على الكثير من المخلوقات بما لديك من عقل وبيان؟. فالعقل هو الجزء المحرك والمدبر نحو الإبداع، في جوانب كثيرة ومنها «الخيال». فقد قال العلماء: «كلما زاد الخيال الإيجابي، زاد تحريك وتحفيز العقل الباطن نحو النجاح والتميز». لذا، فالحياة لا تخلو من أمور سلبية علينا وعلى من حولنا، ولكن قوة خيالك التي أودعها الله فيك، تجعلك تتذكر أوج وأعظم أيام سعادتك وإبداعك في السابق، رغم وضعك الحالي الذي تعيشه، سواءً أكنت في حالة حزنٍ أو فرح.. تأمل لو كنت في حالة الحزن، فإنك بتخيلك الإيجابي سوف تخرج من دائرة الحزن إلى دائرة الابتسامة، ولو للحظات قليلة.. أما إذا كنت في حالة فرحٍ وسرورٍ فسوف تدخل بذلك في دائرة الثقة بالنفس، والاعتزاز والتميز والإبداع والإيثار، وإدخال السرور على من حولك في كل مكان وزمان بإذن الله. لذلك تذكر إبداعك في مجال عملك، وبيتك، ومجتمعك، أو في أي حيزٍ عشت فيه سُويعات إبداع رائعة، تذكرها جيداً ودونها في ورقة خارجية، وضعها أمامك في كل مكان تجلس فيه لمدة طويلة. وهُنا أستشهد لك بقصة ذلك الأعرابي الذي سجنوه، ولكنه رغم العُزلة ألّف الكثير من الكتب، والتي ما زالت تُنير للآخرين دربهم فقالوا له: عجباً في أمرك يا هذا، كيف كتبت هذا الكم الهائل من الكتب وأنت بالسجن؟! فأجابهم بكل أريحيةٍ وابتسامةٍ: كيف لا وخيالي في عقلي وحديقتي في صدري. وكذلك قصة ذاك العالم المجهول لمن حوله، حيث الفقر ألمّ بالمدينة التي يعيش فيها، ورغم تلك الحالة إلا أنه وبعد مدّة من الزمن خرج من عُزلته، فأثار الاستغراب والعجب على وجوه أهله ساعة ما سألوه: كيف ذلك يا عم رُغم الأمور العصيبة، التي مرّت عليك إلا أننا نراك الآن بصحة أفضل مما كنت عليه سابقاً، وكذلك بثقة عالية؟! فأجابهم بكل سرور: نعم، صحيح ما ذكرتم، ولكنهم سجنوا جسدي، ولم يسجنوا خيالي. وكذلك قصة ذاك الصديق حين زاره أحد الأحبة ليطمئن على صحته، فقال له: كيف حالكم اليوم؟ فأجابه: الحمد لله رب العالمين، يكفيني فائدة عظيمة وهي التفكر في مخلوقات الله والتفرغ للعبادة. سؤال يطرح نفسه: كيف نرسم الصورة الخيالية لدينا؟ والجواب هو: وظِّف خيالك في الأمور السعيدة والإيجابية. احذر من أي فكرة سلبية في خيالك. يجب أن تقود العملية اللاواعية إلى عملية مقصودة ومخطط لها. «اترك الرمح الذي يطعنك من الخلف يدفعك إلى الأمام». اهتم بالتفاصيل الخيالية من حيث الألوان، والإضاءة، والأشكال، والزمان، والمكان، وتحدي الذات. اختر في حياتك من يزرع الورد أمامك بعناية فائقة. عانق أصدقاء الصدق والكرم وحب العطاء، وتجنب أهل البخل، والوهم، والمرض. تيقن بأن كل تصرفاتك أنت مسؤول عنها، فاجعل خيالك خيالاً دافعاً نحو التميز والإبداع بكل شيء، وتذكر دوماً بأن تشعل شمعة أفضل من أن تلعن الظلام. ولا ننس جانب الخيال لأطفالنا الأعزاء، فما يضرنا لو قصصنا عليهم قصة ذلك الرجل، الصادق والطيب والشجاع والمؤثر على من حوله من طبيعة وأشجار.. قد يتبادر في ذهنك أن عقل الطفل وخياله لا يعي ما يُقال له، ولكن على العكس تماما، فكل صفة جميلة يمتلكها ذلك الرجل عقل طفلنا الباطن يترجم تلك الصفات الجميلة له هو شخصياً، حيث يجعل الطفل نفسه مكان ذاك الرجل، ويتمثل بالشجاعة والصدق والحنان والوفاء.. حيث تجده دائماً يقول: أنا سأكون مثل ذلك الرجل الشجاع والطيب الذي بالقصة.