تتسارع وتيرة التطور في العالم اليوم بشكلٍ ملحوظ، فما كان جديدا بالأمس بات قديما اليوم. هذه الحياة الحديثة، وهذه العولمة، وهذه الثورة التكنولوجيّة، كلّها غيرت الكثير في حياتنا خلال العقود الأخيرة. فمن هو من مواليد الثمانينيات لا بدّ أنه عايش أحداثا، وتسلّى بألعاب مثل الأتاري والسوبر ماريو، وشهد أيضا أولى مراحل ظهور البلايستيشن، وعاصرها وشاهد نشأة وتطور التكنولوجيا، أي أنه عاش الفترتين، قبل ظهور الأجهزة الالكترونية وتطور الموجود منها، وكان له نموذجا لحياة مختلفة عما سيعيشه ابنه، الذي ولد منذ بضعة أعوام أو قد يولد اليوم أو غدا. جيل نشأ في الثمانينيات، شبابه كان عبارة جلسة أصحاب في المقهى، ومشروبات تقليدية، شاي سكر زيادة والقهوة العربية والشاي بالحليب، لم يعرف حينها الكابتشينو والفراباتشينو. جيل أخذته رحلة الأيام، ووصلت به إلى سنوات التقدم التقني الهائل، ليراقب كل هذه التحولات الرهيبة التي حدثت وما زالت تحدث على كل المستويات. حقبة الثمانينيات ماض جميل، وذكريات لا تموت، ذكريات جيل ترعرع على العلاقات الاجتماعية المتميزة بطابع وحس الإنسانية، في وقت تحولت فيه العلاقات الاجتماعية إلى فوضى. جيلٌ عاش انتشار أجهزة التلفاز في البيوت العربية أكثر من ذي قبل، وظهور القنوات التليفزيونية العمومية، التي كانت تبث البرامج بطريقة منتظمة أسبوعيا، حتى بات الجيل كله يحفظ ترتيب البرامج اليومية والأسبوعية. نهاية الثمانينيات كانت بداية التحول الفضائي الذي تطور أكثر في التسعينيات مع ظهور الفضائيات، التي أتاحت للجميع الاختيار بين المئات من القنوات العالمية المختلفة، وانتشرت حينها نشرات الأخبار والتقارير التليفزيونية و«التمثيليات» عبر أثير الإذاعة والراديو، الصوت الذي يجمع بين المذيع وأذن المتلقي، وتطورت الصحافة الورقية والمجلات المتخصصة في شتى المجالات، حتى الأطفال كان لهم نصيب، ومن منا لا يذكر مجلة «ماجد» الشهيرة. المسجل وشرائط الكاسيت، التي كانت همزة الوصل بين المطربين والمعجبين، والهاتف الثابت ومراحل ظهور وتطور الهاتف المحمول.. فترة غنية بالأحداث والمتغيرات، وجيل عاش معها كل هذه التطورات على عدة مستويات، الثقافية منها والتقنية والإعلامية.