لم يكن غريباً أن يسعى بعض اللاجئين السوريين إلى طلب إذن من السلطات الأردنية ليعودوا إلى ديارهم، رغم القتل المستعر فيها، فما يواجهونه من قتل هناك قد لا يختلف عما يواجهونه من عذاب في مخيمات اللجوء. ورغم سعي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تهيئة مخيم "الزعتري" بالأردن ليكون ملائماً لإيواء نحو 113 ألف لاجئ ، كما يؤكد ذلك مدير التعاون والعلاقات الدولية بالمفوضية علي بيبي؛ إلا أن شح الموارد وقلة الدعم من قبل الدول المانحة حال دون ذلك. وفيما أكد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة السعي لتحسين وضع المخيم واستبدال الخيام بمساكن جاهزة؛ أكد على أن ذلك مرهون بدعم الدول المانحة وتنسيقها في المساعدات، مبيناً أن هناك التزاما بتوفير 80 مسكنا جاهزا حالياً. ويتشكل مخيم الزعتري من مجموعات من الخيام المبنية في منطقة صحراوية جرداء، على بعد 6 كلم من محافظة المفرق، بلا كهرباء أو وسائل تبريد، وبلا تجهيزات طهي، وبعدد محدود جداً من دورات المياه، ومع كل نسمة هواء يتحول المكان إلى دوامة من الغبار الخانق. فواز الأحمد "نازح من درعا" يشبه المخيم بالمعتقل وهو يروي ما يواجهونه من مأساة لا يحتملها الرجال فكيف بالأطفال والنساء، حيث لا تقيهم الخيام من لهيب الشمس ولا الغبار، إضافة إلى انعدام التيار الكهربائي، ويقول "أمضينا ليلة أمس بلا إفطار ولم نجد أمامنا إلا الماء الساخن"، مؤكداً بأنهم ممنوعون من مغادرة المخيم إلا بوجود كفيل. ويروي خالد العايض "إعلامي سعودي" لجوء إحدى الأمهات إليه، أثناء تواجده بالمخيم في مهمة عمل، طالبة منه أن يساعدها في الحصول على تصريح للخروج وزيارة ابنها المنوم في مستشفى الملك عبدالله بالمفرق، حيث حاول أن يشرح لها بأنه لا يملك الصلاحية في هذا الأمر، إلا أنها أصرت عليه بمساعدتها في إقناع المسؤولين عن المخيم. يقول العايض "توجهت برفقتها إلى مكتب المسؤولين هناك وطلبت منهم مساعدتها إنسانياً لكي تزور ابنها المريض، وأثناء نقاشي معهم أتى أحد أقرباء المرأة مهرولاً لينقل لها خبر وفاة ابنها، فلم تتمالك نفسها وانهارت على الأرض باكية ومعها أطفالها الصغار، ليعلن حينها أحد المسؤولين بالمخيم الموافقة على خروجها لدفن ابنها".