وفاء آل منصور قد تنمو حياة بعضنا وتكبر على تلك السطور التي نسجوها في أيام شقائهم وأفراحهم لتصبح الكتابة مرضاً يشقينا ويؤلمنا يكبدنا خسائر فادحة في خواطرنا المشبعة بتراكمات نفسية خطيرة جراء حياة بلا مرسى أو سعادة بلا منتهى، فقد اكتشفت السر وراء كتاباتنا وأحرفنا وجملنا اليتيمة التي رسمناها على جباه الماضي العتيق.. أيقنت علاقة القلم بالألم، فنحن نكتب للألم وللدموع والحزن الدفين، نكتب للموقف وللحظة، البكاء والصراخ المريع.. نكتب لبعضنا أحياناً، وأحياناً ننسى أنفسنا لتندثر أمامنا وتتجانس مع الأحبار المجهولة حينما نلتقطهاغير مكترثين بمن يعود إليه ذلك الألم (القلم).. المهم أن ما أقلق أنفسنا وعكف على أفئدتنا قد أضنانا ونريد نثره بسرعة الريح وبطء الكلمة حتى تسترخي الصدور وتغرد القلوب بفضاء نظيف وفسيح لا يشوبه غبار المشاعر الملوث ولا حتى تأنيب الضمير ذلك الموت الساحق الذي لا يعرف سمة القتل إلا من احتقن به.. الكتابة شقاء بل عناء للنفس وأحياناً متنفس جميل يفجر صحراء قلوبنا المتعطشة بزوبعة كلمات فتصبح كمضاد حيوي يغنينا عن أي ونيس أو رفيق في هذه الأرض.. قد نكتب لأننا نريد أن نكتب كي ننفس ونزيح ضيق الصدور الذي لايخرج إلا من خلال ثقوب الكلمات، وأحياناً نكتب لأننا خلقنا لنكتب وهذه مهمتنا الحياتية كي نوثق ذكرياتنا ومشاكل غيرنا في دفاتر الزمن، والفرق واضح بينهما.. لكن تفسير تواجدها الكثيف في العالم حيرنا وحير الكثير من أسرى القلم والألم المزمن.. فإن كنا نكتب لنسعد فهذه قمة الفرح والتفاؤل، وإن كنا نكتب لنحزن فهذه تعاسة مؤبدة ستقرأ مراراً عند المرور بسطورها لاحقاً.