الذهب يهبط بأكثر من 1% في المعاملات الفورية    النصر يتوج بكأس دوري أبطال آسيا الإلكترونية للنخبة 2025    المنتخب السعودي للخماسي الحديث يستعد لبطولة اتحاد غرب آسيا    نادي الثقبة لكرة قدم الصالات تحت 20 سنة إلى الدوري الممتاز    مالكوم: نحترم الأهلي.. وهدفنا التأهل للنهائي    رباعي آسيا بعد آمال الكأس وصعوبة المواجهات    وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان    مباحثات دولية حول تأثير التقنيات الحديثة لتمويل الإرهاب في اجتماع الرياض.. اليوم    استعراض منجزات وأعمال "شرف" أمام أمير تبوك    محمد بن عبدالرحمن يلتقي نائب "أمن المنشآت"    الخريف: متانة العلاقات الإستراتيجية بين المملكة ومصر ركيزة لنجاح التكامل الصناعي    المؤتمر الحكومي يسلط الضوء على منجزات رؤية المملكة 2030 وتوجهات منظومة البلديات والإسكان    محافظ حفر الباطن: تبرع ولي العهد ل"جود الإسكان" يجسد اهتمامه بالعمل الخيري    غزة: 65 % من الشهداء أطفال    «الشورى» يقر توصيات لتطوير مراكز متخصصة للكشف المبكر لذوي الإعاقة والتأهيل    وزارة الداخلية تواصل تنفيذ مبادرة "طريق مكة" في (7) دول و(11) مطارًا    بيئة جدة تشارك في فعالية «امش 30»    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    8 عوامل محفزة لنمو لوجستيات الأحساء    6.47 مليارات ريال إيرادات المنشآت السياحية في 90 يوما    42% من الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة الشرقية    الدوري الأقوى آسيوياً    جيسوس: ندرك قوة الأهلي    واشنطن: ضرب 800 هدف باليمن منذ منتصف مارس    الطائف مدينة الأدب تشارك في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    انقطاع الكهرباء يعطل 50 مليونا في إسبانيا والبرتغال    جامعة الفيصل تفوز بجائزة التميز في تطوير الكفاءات الصحية    GPT-5 وGPT-6 يتفوقان على الذكاء البشري    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    جمعية الخدمات الصحية في بريدة تفوز بجائزة ضمان    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    صقر في القفص الذهبي    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    1000 معملٍ لتطوير الابتكار والتميز النوعي في السعودية    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا نكتب؟
نشر في الشرق يوم 24 - 06 - 2012

هذا سؤال محيِّر تتردَّد أصداؤه بين الفَيْنة والأخرى بين حنايا ضلوعنا، تساؤل يقاطع الصمْتَ ويُباغت الظلام، ويلاحقنا باحثًا عن إجابة مُقنعة.
لماذا نكتب؟
هل تعد الكتابة واجبًا إنسانيًّا أو مهمة اجتماعيَّة؟ هل يصحُّ ادعاؤنا بأنَّ الكتابة بوْح لآلام الرُّوح وإفصاح عن بعض مُعاناتها؟ هل نكتب لنشعلَ بكلماتنا ومشاعرنا شموعَ الأمل في ليل أُمَّتنا الطويل؟ هل نحاول -حين نحلِّق بعيدًا بصورنا وأخيلتها واستعاراتها- الإفلات من سجن الجسد؟ هل نكتب رغبة في الخلود؟ هل نتخيَّل كلماتنا سيفًا يبارز في معركة أو رمحًا يسابق الرِّيح أو سهمًا يودِّع كبدَ القوس مشتاقا إلى هدفه؟
• نكتب أحيانًا تألُّمًا وشكوى مما يثور في أعماق وِجداننا، وفي أحيان أخرى نكتب نيابة عمَّن لا قلمَ له ولا صوت، نكتب أحيانا للتنفيس وإراحة لضمائرنا المثقلة والمتعَبة، نكتب اعترافًا ببشريَّتنا وضَعفنا وزَلاتنا، وأملاً في الغُفران والتوبة.
• نكتب لنُحادث غيرنا مُدَّعين القدرة على قراءة أفكارهم، ونحاول عبثًا التعاطُف معهم، والإحساس ببعض همومهم.
• نكتب لنؤثِّر ونتأثِّر، نكتب إعلانًا لعِصياننا وتمرُّدنا على تلك القيود والسلاسل، نكتب تظلُّمًا؛ لنُريَ العالم أثَر القيد الضيِّق على أرواحنا الكبيرة، نكتب لنرتاح من الألم مرة واحدة، ولعلَّنا نكتب مرَّات كثيرة؛ رغبة في مزيد من الألم المُلْهم، نكتب عزاءً لذَواتنا، وتصبيرًا لكلِّ مَن يبحث عن برد العَزاء وراحة السلوى عن كل محبوب ومفقود.
• نكتب لأننا أنانيون نحبُّ ذَواتنا المتضخِّمة كثيرًا، ونعلن هذا الحبَّ على الملأ بلا خوف ولا خجلٍ، نكتب إقرارًا بجهْلنا، ولنبحثَ عن قبَس هداية ونارٍ دافئة تُعيد للذكرى حبَّ الأم اللامتناهي، ودِفء حُضنها وأمنه، مثلنا حين نكتب كطفل يقف على أصابع قَدَميه، ويشد قامته؛ لكي يقنع ابن الجيران بأنه أكبر وأفهمُ، وأحيانًا نحاول ببعض كلماتنا الهروبَ من ملاحقة الزمن ودولاب العُمر، فنخلع سرًّا ثيابَ الكبار، ونَمسح من صورنا وقارَهم المصطنَع، وسَمتهم المتكلف، ونَركض خلف فراشة الحقل، ونضحك بلا سببٍ ضحكات لَم يكدر صفوها التفكير بالغدِ وهموم عالَم الكبار الكئيب.
• نكتب لنستعيد بعض إحساسنا وشعورنا، ونحرِّر دمعات حارة حبستْها بلادة الطبع، وغلاظة الرُّوح، نكتب لنغازل الفرح ونُراقص الأمل، نكتب توجُّعًا للأندلس المفقود، وحِدادًا على سقوط بغداد مرة بعد مرَّة، ونرفع بكلماتنا عَلَمَ الجهاد؛ لندفع به ذُلاًّ لا يليق بنا، ونطلب تحريرَ البلاد وفتْح القلوب.كتاباتنا رُؤًى سعيدة نهرب على أجنحتها من مرارة الحاضر إلى وعد الله الحقِّ، نكتب بحثًا عن الأمن والسلام، نكتب ولا بد أن نكتب، فكلماتنا صرخات مخنوقة تؤلِمنا وتُعَذِّبنا، ولا تهدأ ولا تستقر حتى تُسمَع، نكتب هربًا من الوحدة القاتلة إلى صُحبة القلم المؤنِس الذي يسافر بنا إلى بلاد بعيدة، كلُّ شيء فيها جديدٌ ومثير، ولَم نَعهده من قبلُ، نهرب على صَهْوته من صمْت الذات إلى حفل صاخبٍ، وأحاديث مطولَّة مع صديق قديم، لَم نَرَه منذ زمنٍ بعيد.
• نكتب لأننا سَئِمنا الكلام الذي سَرعان ما يتبخَّر في الهواء، نكتب لأننا عُقلاء ملُّوا من عقولهم، واشتهوا بعض شطحات الجنون، واختراق أسوار المستحيل، نكتب لأننا نعشق الزهور ونخاف عليها من الذبول، فنحاول عبثًا وصْفَ خدودها الخَجْلَى، وعيونها النَّعْسى، وأنفاسها العاشقة.
• نكتب لأننا نحب أن نكتب، وحينما نشتاق نُعانق القلم بلا استئذان، ونُراقصه بلا خجلٍ، وحينما يصمت القلم وتجدب سَماؤه، نحسُّ بالشقاء وتتلاعب بنا أوهام الضياع، نحاول الكتابة رغم صدود القلم وجَفوة الحبر وصَمم الورق، نتحدى المستحيل لنكتبَ؛ لأن خلف القلم صقرًا مضطربًا في أسْرِه، وبُركانا يتململ من هدئه، ويَتوق لانفجار حِمَمه الحمراء والأرجوانية؛ لتحرقَ الغابة الشائخة الهزيلة، وتهدي رمادها قُربانًا لغدٍ أفضل وغابةٍ أجمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.