تصدى مسرحيون في الرد على اتهامات النقاد في عدم وجود نص مسرحي سعودي، وذلك بعد إقامة أول ملتقى سعودي للمسرح، مصرين على وجود نص مسرحي سعودي. وقالوا ل«الحياة» إن هناك مسرحاً ومتنوعاً ويعالج قضايا مهمة. إذ أكد سامي الجمعان على وجود «نص مسرحي يقوم على كتابته مختصون في هذا المجال، لديهم منجز قائم وحقيقي»، مستدركاً: «بيد أن المشكلة تكمن في الكم، مقارنة بعناصر فنية يعتبر النص المسرحي أندرها على الإطلاق»، منوهاً إلى «أننا نعاني سنوياً في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، لدى إعلاننا عن إقامة مسابقة للنص من قلة النصوص، إذ لا يتقدم للمسابقة أكثر من نص أو نصين، ما يعني بأن الحد المطلوب في منجز النص المسرحي غير مرض»، راجياً من «جميع النقاد والذين يتقولون جزافاً بأنه لا يوجد نص مسرحي في السعودية مراجعة هذه الحقيقة، فمن الظلم أن نطلق حكماً مطلقاً كهذا من دون متابعة أو تدقيق». ولفت الجمعان إلى أن خصائص هذا النص «لا تختلف عن غيرها من النصوص المسرحية المنفتحة على جميع المدارس والرؤى، بل إن رصد النص المسرحي السعودي يقول إن هذا النص استطاع، وان كان بشيء من الخجل، مقاربة التجريب والتراث والتأصيل والقضية الاجتماعية». وقال إن «لدينا كتّاباً نهجوا منهجية خاصة في منجزهم المسرحي على مستوى النص، حتى عرف بعضهم بمسرح الطفل وآخر بالنص الشعري، وثالث باستلهام الحكايا، ورابع بالتجريب في النص»، واعتبر بأن أبرز خصائص هذا النص، تكمن في قدرته على الانفتاح على الآخر وعلى القضايا السياسية والاجتماعية والقومية، مرجحاًً بان «النص سلك مسلك اللغة العربية في سواده الأعظم، وتنامى فيه الوعي بالمعالجة الدرامية إلى حد كبير». وأوضح بأن «ما يميز النص المسرحي السعودي عن نصوص دول مجلس التعاون ليس بالأمر الواضح، أو المحدد تحديداً دقيقاً»، وعزا السبب إلى أنها «متقاربة كثيراً، ومتداخلة في خصائصها وخطوطها العامة نظراً للثقافة المشتركة، إلا أن النص المسرحي السعودي يحمل بالتأكيد عالمه الخاص، لناحية بنيته القائمة على فقد العنصر النسائي في الطرح، وهي من السمات الأساسية لنصنا، إذ لا يوجد فيه شخصيات نسائية». كما رجّح الجمعان بأن «الهوية تنبعث بداية من النص بحسب توجهه مع الإشارة اللازمة إلى أن التجريب ليس ضد الإعلان عن الهوية أبداً»، وشدد على أن «من يظن أن النص التجريبي لا ينتمي في فكرته إلى هوية معينة فهو مخطئ»، موضحاً بأن «التجريب توجه يحتمل جميع القضايا، والأفكار، والرؤى، وقد لا يكون في المضمون بل ربما، وجد التجريب على مستويات عناصر أخرى». واستشهد ب«تجارب محمد العثيم، والمريخي رحمه الله، وفهد ردة الحارثي، والتي لا تعتبر مجرد نصوص إنما مشاريع أدبية تحمل سماتها الخاصة وهو ما يسعى الملتقى لإبرازها». وجاءت مسرحية موت المؤلف كنموذج أول له فيما يعكف حالياً على تجربته الثانية المتمثلة في مسرحية انتفاضة الشيخ أحمد وهو نص يدور حول تجربة السباعي. وفي الوقت الذي أكد المسرحي عمر الجاسر على « امتلاكنا نصاً مسرحياً، و مخرجاً وممثلاً»، عبر عن أسفه بسبب « عدم امتلاكنا مسرحاً يحوي جميع ذلك»، إضافة إلى عدم امتلاكنا « من يسهم في تفجير وبروز هذا النص المسرحي»، وعزا السبب إلى أن»المسرح لا يزال يعتبر نشاطاً تكميلياً، لم يتوافر له الدعم المادي، واللوجستي المطلوب، الذي يستحقه المسرح السعودي أسوة ببقية الفنون والأنشطة». مؤكداً وجود نص مسرحي سعودي، يحمل ثقافتنا وهويتنا السعودية، ويمتلك أبعاداً عدة، منها ما هو خيالي، وما هو متحفظ، وما هو وسطي، وما يبحث عن الفلسفة، معبراً عن أسفه لأن جميع ذلك لا يعدو كونه «اجتهادات فردية» ، وذلك لأننا لم نجد من يأخذ بيدنا من أجل الارتقاء بالنص المسرحي السعودي، وإبرازه عالميا. وتقول المتخصصة في المسرح حليمة مظفر: «بالتأكيد يوجد نص مسرحي سعودي؛ وللعلم النص المسرح السعودي سبق ظهور منصة المسرح؛ وأولى تجارب التأليف المسرحي ظهرت في بداية الثلاثينات الميلادية من القرن العشرين»، مشيرة إلى أنه في العادة الكتابة المسرحية: «هي من أصعب الكتابات الأدبية؛ فالكتابة الدرامية لها خصائص تميزها عن الكتابة في الشعر والسرد؛ وفي ظل الخصائص الدرامية في الكتابة المسرحية؛ فإن للمسرح السعودي ظروفه الاجتماعية التي أدت لأن تكون لديه خصائصه التي يختص بها من دون الآخرين؛ وهي خصائص دفعته إليها الدوائر الثقافية الحمراء في مجتمع شديد المحافظة والتدين؛ فغياب المرأة كعنصر تمثيلي والتوجس والارتياب في المسرح كفن من فنون اللهو بالذات؛ جعل الكاتب المسرحي السعودي يبحث عن زوايا ينطلق منها في كتابة نصه من دون التصادم مع المجتمع ورجال الدين». وتعتقد مظفر أن النصوص المسرحية الخليجية وحتى العربية بشكل عام: «تعاني -إلا قلة قليلة - من تدهور ثقافة المسرح لدى الجمهور؛ في ظل مغريات درامية أخرى موجودة كالسينما والتلفزيون، ما جعل الكتابة المسرحية تنحوا باتجاه الكتابة الاستهلاكية التجارية التي ترغب بشراء التذكرة قبل أي شيء، وهنا يظهر تميز النص المسرحي السعودي الذي لا يزال يحتفظ بحيويته وعدم ابتذاله أو تحوله إلى سلعة تتم المتاجرة بها لأجل قيمة تذكرة، على رغم أنه يعاني من عوامل الجذب للسقوط نتيجة تغييب ثقافة المسرح في المجتمع وإهماله، مع ذلك تجدين عدداً من كتاب المسرح السعودي يشارك في مهرجانات دولية عربية ويحصل على جوائز». ولفتت إلى أن الاتجاه التجريبي في المسرح «وهو الغالب والسائد محلياً وخليجياً، أنتج عروضاً لا تبين فيها ملامح المكان، ولا تحيل إلى مكان معين، ولا تعالج قضايا تخص مكاناً أو وطناً معيناً. فما الذي يمنح أي عرض هويته الوطنية؟ هل هم الممثلون، أم مكان الإنتاج والعرض، أم ماذا»؟