بالرغم من أن التضخم في منطقة اليورو مازال مستقرا للشهر الثالث على التوالي، حتى نهاية شهر يوليو أمس، إلا أن المخاوف ما زالت تطفو على السطح، وسط معاناة تشهدها قطاعات المال والأعمال، يصاحبها زيادة في معدلات البطالة، وتدني مستوى المعيشة. وعلى الرغم من تداعيات الأزمة التي مازالت تضرب اقتصادات اليورو، إلا أن رؤساء مثل الرئيس الأميركي أوباما، ورئيس الوزارء الإيطالي، قللو أمس من مخاوف استمرار الأزمة، حيث قال أوباما أمس: إن بلاده ستواجه "رياحا معاكسة" مستمرة من أزمة ديون أوروبا، إلا أنه أضاف "لا أعتقد أنه في نهاية المطاف أن الأوروبيين سيتركون اليورو ينهار، لكنهم سيتعين عليهم أن يتخذوا خطوات حاسمة". وقال أوباما في اجتماع لجمع تبرعات لحملته الانتخابية في نيويورك "إنني أقضي قدرا هائلا من الوقت في محاولة العمل معهم و(وزير الخزانة) تيم جايتنر، يحاول العمل معهم"، مشيرا إلى أنه كلما سارعوا إلي اتخاذ إجراء حاسم كلما كان ذلك أفضل لنا". من جهته قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي أمس، إن إيطاليا وأوروبا بدأتا رؤية الضوء في آخر نفق المشاكل بالنسبة لليورو، مضيفا في رده على سؤال من الإذاعة الإيطالية "نعم بكل تأكيد، إنه نفق لكن بعض الضوء يظهر في آخر النفق. نحن وسائر أوروبا نقترب من آخر النفق". وأضاف أن القرارات التي أخذتها قمة الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي بدأت تؤتي ثمارها، مشيرا إلى أن النتائج باتت تُرى الآن على صعيد استعداد المؤسسات الأوروبية، وكذلك من حكومات كل دولة على حدة بما فيها ألمانيا". وذكر مونتي، الذي بدأ في جولة خارجية تشمل: فرنسا، وفنلندا، وإسبانيا، أنه يأمل في أن يسفر اجتماعه بالرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، عن تسريع خطوات تعزيز اليورو، وتحفيز النمو، مضيفا أنه على ثقة من أن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، سيتمكن من معالجة مشاكل بلاده. وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي يوروستات أمس، إن أسعار المستهلكين في ال17 دولة التي تستخدم اليورو ارتفعت 2.4 % في يوليو على أساس سنوي لتحافظ على مستواها الذي لامسته للمرة الأولى في مايو مع تراجع سعر خام برنت تراجعا حادا في وقت سابق من العام. ومن المتوقع أن ينسجم التضخم مع هدف البنك المركزي الأوروبي لمستوى أقل من 2%، بنهاية العام، وقال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي في أوائل يوليو، إن المعدل يتباطأ أسرع من المتوقع مضيفا "وسمح هذا للبنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة ربع نقطة إلى مستوى قياسي منخفض عند 0.75 %، وخفض سعر الإيداع إلى صفر في وقت سابق هذا الشهر. وتوقع اقتصاديون أن يبلغ التضخم 2.4% في يوليو، لكن استقرار أسعار المستهلكين بدلا من انخفاضها لا يقدم ميزة كبيرة للمستهلكين الأوروبيين، الذين يعانون مما قد يصبح ثاني ركود اقتصادي للمنطقة خلال ثلاثة أعوام. وقال يوروستات في بيان منفصل، إن أعداد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو زادت 123 ألف شخص في يونيو لتصبح نسبة البطالة 11.2% من قوة العمل وهو مستوى مرتفع جديد لحقبة اليورو. وهذه هي نفس النسبة لشهر مايو بعد أن عدل يوروستات بيانات ذلك الشهر من قراءة سابقة بلغت 11.1%، لكن الرقم يخفي تفاوتات واسعة من بطالة لا تتجاوز 4.5% في النمسا إلى 24.8% في إسبانيا وهو أعلى مستوى في الكتلة. إلى ذلك أعلن متحدث باسم الحكومة الائتلافية في اليونان أمس، أن قادة الائتلاف يتجهون لتأجيل اتفاقهم النهائي حتى الشهر القادم، بشأن حزمة خفض النفقات التي تطالب بها الجهات المانحة الدولية في مقابل استمرار تمويل برنامج الإنقاذ. وقال سيموس كيديكوجلو، المتحدث الحكومي في مقابلة مع راديو"سكاي" الخاص "إننا نتبع المسار الوحيد الذي يمكن أن يبقي اليونان في أوروبا، ونحاول القيام بذلك بأقل تضحية ممكنة. سيكون لدينا إجراءات جاهزة في أغسطس". وجاء الإعلان بعد أن عجزت الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف الذي يقوده المحافظون برئاسة رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس، أمس الاثنين في التوصل لاتفاق بشأن برنامج التقشف الجديد، غير أن الائتلاف يتفق على الإستراتيجية العامة للبلاد، وبالأخص أنه يجب أن يطلب تمديدا لمدة عامين بشأن المواعيد النهائية لبرامجه التقشفية والإصلاحية. وقال وزير المالية يانيس ستورانراس، للصحفيين إن الحكومة لا تزال تعمل على تحديد ما سيشمله خفض الإنفاق في الحزمة الجديدة البالغ قيمتها 11.5 مليار يورو(14.1 مليار دولار) للعام 2013/ 2014. وذكر مكتب رئاسة الوزراء أن ساماراس، أجرى محادثات صباح أمس مع مفتشين من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ومن المقرر أن يلتقي ما يطلق عليها الترويكا في وقت لاحق اليوم بشريك الائتلاف إيفانجيلوس فينزيلوس، من حزب باسوك الاشتراكي. ويتردد أن الائتلاف وافق على معظم إجراءات التقشف، ويدرس الآن خفض الأجور والمعاشات لتوفير 1.5مليار يورو، فضلا عن زيادة سن التقاعد من 65 إلى 67 عاما. وتقول وسائل إعلامية يونانية إن الإجراءات الجديدة تشمل سقفا للمعاشات، وخفض مزايا الرعاية وتقليص الإعفاءات الضريبية والاستغناء عن العمالة بعقود في القطاع العام. من جانب آخر تسببت أزمة القطاع المصرفي في إسبانيا في هروب رؤوس الأموال بحجم كبير من البلاد وفقا لما أعلنه المركزي الإسباني أمس. وذكر المركزي الإسباني أن إجمالي المبالغ المسحوبة من البنوك الإسبانية وصل خلال مايو الماضي وحده إلى 41.3 مليار يورو أي ما يعادل أربعة أمثال المبالغ التي سحبت في نفس هذا الشهر من العام الماضي. وأضاف البنك أن إجمالي الأموال التي سحبها مودعون من البنوك الإسبانية في أول 5 أشهر من العام الحالي بلغ قيمة قياسية وصلت إلى 163 مليار يورو. في المقابل كانت المصارف الإسبانية شهدت في نفس الفترة من العام الماضي تدفقا لرؤوس الأموال يزيد بقيمة 14.6 مليار يورو عن الأموال التي خرجت من البلاد. واندلعت أزمة القطاع المصرفي الإسباني في مايو الماضي مع إعلان بنك "بانكيا" عن حاجته إلى مساعدات من الدولة بقيمة 24.5 مليار يورو لإنقاذه من الانهيار.