يذهب الفيلسوف جون سيرل في كتابه «العقل» إلى أنه: «من الممكن تصور كائن يماثلني تمامًا بكل معنى الكلمة، ولكن تمامًا من دون حياة عقلية «في معرض الإشارة للجدل الذي أثاره ديكارت حول مدى ارتباط العقل بالجسد حيث قال: «لا يمكن لي أن أتصور أنه يمكن لعقلي أن يوجد من دون جسدي، لهذا لا يمكن لعقلي وجسدي أن يكونا كيانًا واحدًا». ويشرح سيرل هذه الحجة بأنها تقول إنني يمكن أن أتصور أن جسدي يمكن له أن يوجد كما هو ولكن من دون عقلي، لهذا فإن عقلي يختلف عن جسدي أو عن أي جزء منه أو أي وظيفة من وظائفه. ندرة عربية البحث عن مفهوم العقل بحر كامل من المعارف والدراسات يمكن للإنترنت أن تيسر للقارئ العربي بعضًا من فيضه، فالغرب شهد في العقدين الأخيرين دراسات متعددة عن تأثير وسائل الاتصال الحديثة، وفي مقدمتها شبكة الإنترنت في العقل البشري. وهو نوع من الدراسات النادرة عربيا، إذ شهدت الجامعات الغربية دراسات خاصة بوسائل الاتصال الحديثة، بعضها تخصص في بحث طبيعة ما يقبل عليه المراهقون على نحو خاص من برامج إلكترونية سواء كانت برامج الدردشة العادية، التي تعتبر وسيلة اتصال مفتوحة بلا انقطاع خصوصًا بين الجنسين أو برامج التواصل الاجتماعي المختلفة مثل تويتر والفيس بوك، أو برامج الألعاب الإلكترونية، أو تحميل الأغنيات من على الروابط الخاصة بتحميل المصنفات السمعية المختلفة. وتوصلت هذه الدراسات إلى أن الأجيال الجديدة من المراهقين يضيعون الكثير من الوقت على حساب أشياء أخرى أكثر جدية، مثل التحصيل العلمي والدراسي في الدردشة والتواصل الاجتماعي. دفاع عن العقلانية دراسات أخرى رأت أن كل ثورة تكنولوجية في العالم تؤدي إلى صدمات اجتماعية في أغلب المجتمعات التي تستخدم هذه التقنيات الحديثة، لكن الدراسات الحديثة توصلت في الوقت نفسه إلى أن مقاييس الذكاء المعروفة بال«IQ»، قد زادت بنسبة 15 % بالنسبة للجيل الجديد مقارنة بالأجيال السابقة في العمر نفسه، وأن مقياس الذكاء قد زاد بالنسبة للأبناء بمقدار 25 مقارنة بالآباء. وينطلق كتاب سيرل من تحليل فلسفي لطبيعة العقل واللغة والمجتمع، يدافع فيه عن العقلانية وعن رؤية ميتافيزيقية معينة، أيضًا هجوم على التفكيكية والنسبية وما بعد الحداثة. فيما عد النقاد صدور الكتاب إضافة لإنتاج سيرل كواحد من كبار الفلاسفة في العصر الحديث. ولع بالتفسيرات قدمت أعمال سيرل مساهمة حيوية للعمل في فلسفة اللغة. يعتبر التعبير والمعنى خليفة مباشرًا، يهتم بتطوير وصقل الحساب المقدم في أعمال سيرل السابقة، وتوسيع تطبيقه ليشمل أنماط الخطاب الأخرى مثل الاستعارة والخيال والمراجع وفنون الكلام غير المباشر. يقدم سيرل أيضًا تصنيفًا عقلانيًا لأنواع أفعال الكلام ويستكشف العلاقة بين معاني الجمل وسياقات نطقها. يشير الكتاب إلى موضوع أعمق في هذه المشكلات، علاقة فلسفة اللغة بفلسفة العقل، بحسب بعض النقاد، ومنهم من رأى أن سيرل حساس تجاه التفاصيل، وأكثر ما يلفت النظر في الكتاب هو منهجية سيرل الصارمة، وولعه بالتمييزات والتفسيرات الجريئة، التي تطور الأسس والآثار والتطبيقات لنظرية الفعل. علاقتنا بالناس يطرح الكتاب تساؤلات مهمة في مقدمته مثل (كيف أن نملك تقريرًا موحدًا ومقنعًا من الناحية النظرية عن أنفسنا وعلاقاتنا بالناس الآخرين والعالم الطبيعي)، أيضًا (كيف أن نقبل تصورنا القائم عن أنفسنا بوصفنا فاعلين وأصحاب وعي، وحرية، وعقول، وننجز فعلًا كلاميًا في عالم نعتقد أنه مؤلف من ذرات فيزيائية في مجال من القوة، وهي ذرات لا حياة فيها ولا وعي ولا عقل لها)... أيضًا تساؤلاته العديدة عن الفعل الكلامي والوعي والقصدية والمجتمع والعقلانية. كبرياء العلم يتناول سيرل في هذا الكتاب نظرية المعرفة القديمة في ضوء المنجزات العلمية والفلسفة الحديثة، ويدعو إلى تخطي المقاربات والمقولات القديمة المتمثلة في الثنائية والمادية والواحدية، ويعتبرها مسلمات وفرضيات مسلّمًا بها قبليًا على نحو سابق على خلق النظرية. كبرياء العلم حرص سيرل على إيصال أفكاره بلغة مبسطة تحاول مخاطبة القارئ البسيط دون أن تخل بكبرياء العلم. مقدمًا فهمه الجديد المستند إلى عدّة تحليلية توفرها العلوم الحديثة في الفيزياء والكيمياء وفيزيولوجيا الأعصاب. في الكتاب تتجلى بوضوح آسر منطلقات سيرل لتفسير الظواهر الأساسية التي تلفت نظر الإنسان. وكانت الظاهرة الأولى المدهشة هي وجود الوعي في عالم مؤلف كليًّا من ذرات فيزيائية، والظاهرة الثانية هي قدرة العقل على توجيه ذاته نحو الأشياء وتمثيلها، وهي ظاهرة القصدية، والظاهرة الثالثة هي قدرة العقول على أن تبدع واقعًا اجتماعيًا موضوعيًا، والظاهرة الرابعة هي وجود التواصل اللغوي الإنساني. جون سيرل فيلسوف أمريكي معاصر ولد في عام 1932 بولاية كولريدو أكمل دراسته بجامعة إكسفورد. التقى هناك بثلاثة من أبرز فلاسفة أكسفورد وهم (جون أوستن) و(جلبرت رايل) و(بيتر ستراوسون). حصل على البكارلوريوس والدكتوراة من جامعة أوكسفورد. عاد سيرل إلى جامعة كاليفورنيا ولايزال يعمل بها حتى الاّن. حصل على عدد ضخم من درجات الدكتوراة الفخرية، والجوائز العلمية. عمل أستاذًا زائرًا في معظم جامعات العالم. ترجمت أعماله إلى ما يزيد عن عشرين لغة.