في القلب فراغٌ لا يسده شيء البتة، إلا ذكر الله، عز وجل، فإذا صار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة، واللسان تبعٌ له، فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ويُفني الفاقة. وإن للذكر آثاراً عجيبةً في النفس؛ حيث يُحدث فيها الطمأنينة والسكينة، قال تعالى: «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، لذلك ترى الذاكرين والذاكرات من أرق الناس قلوبا وألينهم عريكة؛ لأن ذكر الله تعالى يولد في القلب شعورًا لا يوصف بأن من يذكره العبد هو ربه الذي سوف يحميه ويدفع عنه الأذى فيطمئن لذلك. وفي الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني». وأخيرا إن الذكر يهذب النفس ويرتقي بها في مراتب العليا، سببٌ في حضور القلب، وتنبهه، وهو سببٌ في زوال الغفلة عنه كذلك.