قبل أيام تناقلت وسائل التواصل فيديوهات كثيرة حول ازدحام الأسواق بالناس وانتظارهم في طوابير (لا نهائية) من أجل الحصول على فرصة للتسوق. أثار هذا تعجبي وتعجب كثير من الناس ممن تداولوا المقاطع لأسباب لا تخفى على أحد، إذ أن فترة الحظر العام المنصرم أكسبت جميع الناس معرفة كافية بالشراء عبر الأون لاين، فما الحاجة إذا - في ظل الأزمة الراهنة - لخروج هذه الأسراب من الناس وتعقيد أمر الاحترازات الصحية وعرقلة جهود القطاع الصحي في مكافحة تفشي الفيروس! ثم، ما الذي يجعل المرء ينتظر لساعات طويلة، طويلة جدًا، في هذا الطقس السيء، معرضًا نفسه للإصابة حتى مع التحصين، من أجل مجموعة من (الخرق) !!؟ تذكرت بشكل خاطف أزمة الخبز التي مرت على إحدى الدول الشقيقة، بينما كنت أمر بجانب أحد المولات الشهيرة وطابور طويل جدًا من النساء يقف خارجًا بعد صلاة الفجر مباشرة بانتظار (الهجمة) !!! لا أعرف حقيقة إن كنا كمجتمع عربي، بحاجة إلى المزيد والمزيد مما يسمى (بثقافة التسوق)، فنحن إضافة إلى كل ما ذكر آنفًا، نستطيع أن نرى بلمحة خاطفة على المولات، ما تفعله جماعات المشترين أثناء التبضع من سلوكيات غير مستحبة، ودون اعتبارات للقائمين على الخدمة في هذا القطاع والذي أُنّث في 2016 تقريبًا. وأذكر في هذا الصدد، ممثلات المبيعات اللاتي تربطني بهن علاقات جيدة بحكم ترددي عليهن على فترات متقطعة، والشكاوى المستمرة من (همجية) بعض المتسوقين وإحالتهم العمل أكثر مشقة وأكثر جهدًا. إننا بحاجة فعلية إلى تصحيح بعض المفاهيم عن الشراء، كفعل مجرد نابع عن حاجة واضحة، والتعامل معه كحالة، والانتباه من الشراء ك«هوس»، ك «حالة إدمان»، أو مرحلة تخدير نفقد فيها السيطرة على رغباتنا وتحويلها إلى قنبلة لهز الأرصدة. لذلك فإن كنت متسوقًا أو متسوقة، عليك تعلم تكنيكات بسيطة قبيل الشراء، قد تكون فعّالة في تغيير عاداتك الشرائية، وترفع من مستوى وعيك كمستهلك. نبدأ بالقاعدة الذهبية هنا (نحن لسنا ملزمين بشراء كل ما تقع عليه أيدينا وأعيننا)، لذلك لابد من التمهل قبل إتمام عملية الشراء كاملة، ولابد من مرور المختارات بعملية فرز نهائية حسب الاحتياج، مع عدم التكرار. ثم الحذر من الشراء بعد أي نوبة حزن أو غضب أو شعور بالفقد، سيصبح الشراء مجرد عملية لردم تلك المشاعر العميقة، ستكون أقرب ما تكون إلى عملية شراء جائع للطعام، يشتري ما لذ وطاب دون القدرة على استهلاكه بالكلية. ثم إن طلب المساعدة من الآخرين من شأنه أن يخفف من حدة التهور الشرائي، ويسهم في رفع مستوى الوعي أحيانًا خصوصًا لو كان الآخرين من ذوي الوعي المرتفع، لذلك تسوقوا مع الواعين. نقطة أخيرة، أنت لست ملزمًا بالشراء، ما لم يكن لديك نقص في الأساس، إن كل عملية شرائية خارج هذه النقطة هي دون شك حالة إدمان قطعية، تحتاج التوقف عندها وتصحيحها قبل أن تتحول إلى (زومبي) تسوق.