أعلن ولي العهد الثلاثاء 30 مارس 2021 عن إطلاق مبادرة «شريك» الطموحة بميزانية مقدرة تصل إلى 5 تريليونات ريال، في تصعيد مبهج في خطى تحقيق الرؤية الخالدة بإذن الله تعالى، لتضاف إلى بستان المبادرات الزاهر وحديقة المشاريع الغناء. وكما عودنا سموه، فأطروحاته تطربنا منذ توليه، وتنعشنا مواقفه وتصريحاته، وتلوح أمام أعيننا وعوده ونحن نشاهدها تنمو وتكبر من العدم. ورغم ذلك، لم ينفك سموه يأتينا بجديد لم نحسب حسابه أو خير لم يخطر ببالنا استدراكه. ماذا يعني شريك السعودية، وما هو أثره علينا جماعات وأفراداً؟ هو حتما جزء من منظومة التطوير وتحسين الإنفاق وتنويع الاقتصاد وزيادة الإنتاج، ولكنه يعمل بشكل مباشر مع الشركات المحلية الضخمة، ويستهدف 50 شركة عملاقة، بهدف دعمها لزيادة أهدافها الاستثمارية 50 % عما هي عليه قبل أن تكون شريكا للسعودية. بمعنى آخر، يطمح ولي العهد -ونحن من خلفه- إلى عملقة شركاتنا المحلية وتدويلها لتشارك الدولة في 65 % من ناتجها المحلي العام، وتسهم في رفع ترتيبنا إلى المستوى الخامس عشر بين دول العالم في قيمة الناتج المحلي العام وزيادته ب2 تريليون ريال بحلول عام 2025. وقد تتوارد في أذهان البعض شكوك حول جدوى ذلك بالنسبة للمواطن وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو أمر مبرر كون مؤشرات المبادرة مرتبطة بشكل وثيق بالناتج المحلي العام والذي لا يعكس بالضرورة مستوى رفاهية المواطن أو بيئة الاستثمار الريادية، ولكنه يظهر حجم النفقات والإيرادات العامة كصورة عن حالة البلد الاقتصادية. لن تكون هذه المبادرة مؤثرة في دعم عجلة التنمية الداخلية وتوفير عوامل الرفاهية للمواطنين إلا إذا تزامنت مع إصلاحات جوهرية ومؤثرة في أنظمة الدولة المالية والتجارية والاجتماعية، وهذا يبرز أهمية توقيت إطلاق المبادرة ويبرر اختياره في الوقت الحالي، مع وصول ثورة مكافحة الفساد إلى كل ركن من أركان الدولة إلى تطبيق الحوكمة المالية وترشيد الإنفاق وتفعيل مبادئ الشفافية والتنافس النزيه وتوفير الدعم للمستهدفين فعلاً دون هدر أو تعطيل، وتفعيل مبادرات التنمية الداخلية لتطوير الموارد البشرية والبنى التحتية، وتطوير أنظمة الخدمات العامة كالتعليم والصحة والأمن العام وغيرها، لم يبق هناك مبرر أن تحجم الدولة عن صناعة شركائها عبر دعم الكيانات المرشحة لأن ترتقي وتكون المملكة شريكا لها في رحلتها نحو العالمية. ما سبق يظهر دور مبادرة «شريك» غير المباشر في التنمية الداخلية ورفاهية المواطن، ولكني أضيف- بحكم ما لمسناه من قادتنا - أن هناك تأثيرا مباشرا لا يستهان به، وذلك من خلال دعم الشركات العملاقة، سيزيد فرص التوظيف للأفراد، واحتضان المشاريع الريادية الصغيرة والمتوسطة التي تصب في مجال الشركة المستهدفة، بل وسيتعدى ذلك في تفعيل دور الخدمة الاجتماعية لتلك الشركات في تطوير الموارد والبنى التحتية للمواقع التي تعمل بها. وأخيرا وليس آخرا، وإجابة عن السؤال في رأس المقال، إلى بر الأمان بحول الله وقوته، أبدا لا يساورنا الشك في التوجهات والعزائم والتطلعات، وتطمئن قلوبنا بما نراه من حسن التدبير وحكمة القرارات وثبات الخطوات، ونستشرف آمالا ومستقبلا باهرا بموعود الله (وعد اللَّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون). وآخرا، أختم بما قاله مقدم اللقاء، الإعلامي محمد الطميحي: نحن كمواطنين سعوديين يملؤنا الفخر ولا نملك أمام هذه المنجزات الوطنية والمتسارعة والتي تتحدى الجائحة والأعداء والحساد إلا أن نقول كما قال المتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم ابتسم يا محمد ابتسامة الرضا والثقة بشعب طموح وشريك نجاح.