لن أذهب لأزمات بعيدة وأحداث ربما لم يدركها البعض، بل سأنطلق من الأزمة العالمية الحالية، أزمة «جائحة كورونا» التي مر على أحداثها ما يقارب العام، منذ اجتياحها للعالم ومن ضمنها السعودية، وخلال الأزمة خاض الممارسون الصحيون بالسعودية معركة شرسة مع الفيروس الخطير، وتعاملوا مع الأزمة ببطولة ومهنية، وحازوا لقب الأبطال وأطلق عليهم (#أبطال_الصحة)، وحظي رجال الأمن بشرف لقب (#أبطال_الأمن)، ويستحقون جميعهم هذا التشريف كونهم قاموا بجهود بطولية، وواجهوا الجائحة وتبعاتها بكل بطولة ومهنية. ومعروف أن «اليد الواحدة لا تصفق»، وأن وراء إدارة الأزمة وتحقيق النجاحات منظومة كوادر مترابطة من جهات عدة تحقق بفضل الله ثم بفضلهم هذه الإنجازات، ومنها الجهات الإعلامية صاحبة الفضل بعد الله في نقل أحداث ومراحل هذه النجاحات والإنجازات، وإبرازها للمجتمع وللعالم أجمع. إلا أن الكوادر الإعلامية لم تحظ بشرف التصنيف كأبطال مثل غيرهم، ولم يلحقوا لو في أسفل القائمة، بل أصبحوا كما هو الحال في كل مرة فئة منسية؛ على الرغم من أهمية دورهم في جميع الجوانب، ومنها الجانب الأهم الجانب التوعوي الذي حقق هدفه، فهم همزة الوصل بين أبطال الصحة والمواطن والمقيم، وهمزة الوصل بين أبطال الأمن والمجتمع في إيصال التعليمات، ونقل المعلومة لهم لتطبيقها على الوجه المطلوب. أيضًا لهم الفضل، بعد الله، في نقل وإبراز الجهود المنفذة خلال الأزمة، ونقل ما قامت به وقدمته الحكومة السعودية وأبطالها من جهود وتضحيات للمحافظة على حياة المواطن والمقيم للعالم، والعبور بالجميع إلى بر الأمان بأقل الخسائر في الأرواح، وكذلك نقل الجهود المقدمة في الوقت الحالي من قبل الحكومة السعودية في منح اللقاح بالمجان للمواطن والمقيم على حد سوى. لا يخفى على الجميع أن الإعلاميين في جميع الوسائل بمختلف أنواعها، يخوضون معركة المواجهة مع الوباء في جميع الميادين، معرضين حياتهم للخطر من أجل نقل الأحداث أولا بأول، ورغم ذلك لم يصنفوا كأبطال، ولم تذكر جهودهم بل يظلون فئة منسية، وربما غير مرضي عنهم. وحقيقة.. الإعلامي مثله مثل الشمعة التي تحرق نفسها من أجل أن تضيء للآخرين؛ فهو يحترق ويقاتل من أجل إبراز جهود الغير والصعود بهم للقمة، أو مساعدة الآخرين وإيصال صوتهم، ورغم ذلك لا تشفع له كل هذه الجهود وقت الخطأ، ولو كان غير مقصود، بل قد يعاقب وينال عقوبات مغلظة. أيضًا الإعلامي أو الصحفي غالبًا ما يجد نفسه عرضة للشتم والتهديدات على شبكات التواصل الاجتماعي، لأن طرحه لا يمكن أن يرضي طرفين، والأمر الأصعب عندما يكتسي الترهيب بالطابع القانوني، بهدف تثبيط وتدمير معنوياته وصده عن أداء مهمته. وقد سجلت الإحصائيات مصرع أكثر من 2500 صحفي منذ عام 1990، وحتى عام 2018، ورغم ذلك لم ينل الإعلاميون حقوقهم المكتسبة من خلال مسيرتهم، ولم يصنفوا كأبطال، ولم يحتف بهم عند مغادرتهم المجال الإعلامي، بل يغادرون بصمت.. السؤال المطروح: متى سيلتفت لجهود أبطال الإعلام، وتذكر تضحياتهم، ويصنفون أنهم من أهم عناصر حلقة المنظومة، ويسجلون كأبطال للأزمات مثل غيرهم؟.