من أسمى الخصال الإنسانية الوفاء، وهو ليس كلمةً تقال أو شعارا يرفع، بل هو سلوك عظيم يدل على الشجاعة والصدق والإقدام. كان الوفاء جزءاً من أخلاق الإسلام السامية حيث قال العلي القدير: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)، وكان الوفاء إحدى الصفات العربية الأصيلة حتى قيل (أوفى من السموأل) والذي فقد ابنه بسبب وفائه حيث قال: وفيت ُبأدرع الكندي إني ..إذا ما خان أقوام وفيتُ، وللمثل هذا قصة عظيمة جداً أنصح بقراءتها. من مظاهر الوفاء بالعصر تخليد أسماء وذكرى الأبطال في كل زمان ومكان، بحيث يخلد ما قدموه من أجل أوطانهم، ومن أجل مؤسساتهم ومجتمعهم، فتكريم المحسن (واجب)، فكيف إذاً لمن يصنع الفارق في مجتمعه! وقد درجت المجتمعات على تكريم المبدعين، وليت ذلك التكريم يكون في حياة الشخص، ويكون مادياً وليس معنوياً فقط، فكثير من المبدعين لا يتذكرهم الناس إلا بعد أن تعصف بهم الدنيا أو حين (فقدهم). طبياً... بادرت حكومة المملكة العربية السعودية بتكريم شهداء الواجب من الأبطال العسكريين (حماة الوطن)، بمميزات مالية ومعنوية، ووصلت للاهتمام بسكن وتوظيف أبناء الشهداء منهم، وكانت آخر تلك المبادرات التعويضات المالية الكبيرة لأسر ضحايا جائحة كورونا من الممارسين الصحيين، وهذا ديدن حكومة (الوفاء) حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. كانت مبادرة وزارة الصحة بتسمية (مركز نجود) - رحمها الله- مبادرة تستحق الاحترام والتصفيق والإجلال، حيث بذل (أبطال الصحة) الغالي والنفيس منذ سنوات ودون تغطية إعلامية لخدمة مرضاهم، بل تمادى (البعض) في تشويه صورتهم والبحث عن الجوانب السلبية وتحميلهم مسؤولية المشاكل الإدارية المتراكمة منذ عقود بالقطاع الحكومي. وقد تكون إحدى محاسن الجائحة إبراز تلك الفئة التي تتعرض للخطر يومياً من أجل مداواة آلام الآخرين، ولقد أعطتنا تلك المبادرة دروساً قد تكون نبراساً للعمل بالقطاع الخاص والحكومي بالتكريم المعنوي ومنها: تسمية قاعات المحاضرات والشوارع والمكتبات العامة والمدارس بالمتميزين من العلماء في مجال تخصصاتهم والمبدعين. ومن الأمثلة الإيجابية تكريم بعض منشآت القطاع الخاص رموزها بتخليد أسمائهم وإطلاقها على قاعاتها التعليمية الطبية، في نهج فريد منذ ما يقارب العقدين من الزمان، كما قامت البلديات سابقا بإطلاق أسماء الأدباء والمفكرين وبعض العائلات على أسماء الشوارع، تخليداً لذكراهم العطرة وإنجازاتهم. ختاماً... الوفاء خلق وأدب وتقدير فما أجمله، ولنجعل الوفاء من شيمنا ولا تكن كمن وصفه الشاعر: فما أكثر الإِخوان حين تعدّهم ** ولكنهم في النائبات قليل