السلمان لجرحى ومصابي عاصفة الحزم: أنتم أبطال الوطن    الأمم المتحدة: السعودية تقفز 25 مرتبة في تطور الحكومة الإلكترونية    شركات بريطانية تبحث الفرص الواعدة في السعودية    تسليم آي فون 16 مؤجل.. والانتظار يطول !    مندش يسعى للتألق «آسيوياً»    «التعليم»: معاملة ذوي شهداء الواجب كأصحاب الظروف الخاصة في النقل والتكليف    ترند غريب يستغفل المراهقين: تناول الطين والطباشير !    «روابي العارضة» يعاني سوء الخدمات    «غصة عبور» تضيء مهرجان المسرح الخليجي    لا تتفاجأ.. الضحك يعالج جفاف العين وأفضل من القطرات !    الآسيوي :"كانسيلو" يفوز بجائزة أفضل لاعب في لقاء الهلال أمام الريان    خادم الحرمين يأمر بترقية 233 عضواً في النيابة العامة    الأمين العام للجامعة العربية يدين هجمات الاحتلال الإسرائيلي ضد لبنان    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    مسؤول استخباراتي: انفجار أجهزة «حزب الله».. «متفجرات مزروعة»    رحلة في حب الوطن    جيش الأردن يعلن إسقاط طائرة مسيرة حاولت التسلل إلى داخل البلاد    «سوبر هاتريك» هاري كين يقود بايرن ميونيخ لفوز كاسح على دينامو زغرب في دوري الأبطال    شقراء ..تحتفي باليوم الوطني 94 بمجموعة فعاليات ومسيرة للخيول والسيارات الكلاسيكية    حكومة لبنان: العدوان الإسرائيلي يشكل انتهاكاً خطيراً للسيادة اللبنانية    هجوم مصياف.. نموذج للصراع الإيراني-الإسرائيلي في سوريا    فقط في السعودية.. الطائرات تسير أرضًا وجوًا    هواية رائجة    «الصناعة» وتحسين كفاءة الطاقة !    كرة القدم بعد مارادونا    في ختام الجولة 4 من دوري يلو.. الباطن متحفز لتجاوز جدة.. وأحد يواجه الجندل    في أولى جولات دوري أبطال آسيا 2.. التعاون في ضيافة الخالدية البحريني    زودوها حبتين !    ريال مدريد يقلب الطاولة على شتوتجارت في افتتاحية "الأبطال"    القيادة تعزي أمير دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك الحمد المبارك الصباح    خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    استعرض استعدادات الاحتفال باليوم الوطني.. أمير نجران: المملكة أصبحت منارة للعالم    مع «جيل الرؤية».. سور الوطن عالٍ    الحل الأمثل لاستيعاب القبول في الجامعات    مجلس الوزراء: الموافقة على أنظمة السجل التجاري والأسماء التجارية وضريبة التصرفات العقارية    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام ضريبة التصرفات العقارية    مصانع ابتكارية    « يوتيوبر» يدخل جحر دب سعياً وراء الشهرة    حياته كلها مع الكتب    تكريم مستحق.. لعطاء مستمر    «عزب» لم يغب..!    مغالطة «زمن الطيبين»    انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب في ال 26 سبتمبر الجاري    «جوجل» تسهل الوصول لعلامات تبويب«Chrome»    السفر يعزز الصحة ويؤخر الشيخوخة    محافظ وادي الدواسر يدشن الحملة الوطنية لتطعيم الإنفلونزا الموسمية    المملكة تستعرض فرص الاستزراع المائي خلال المنتدى العالمي لمصايد الأسماك ومعرض المأكولات البحرية 2024 في روسيا    مهرجان المسرح يعرض «غصة عبور» ويكرم «العيدروس»    مفهوم الاحترام    «المحليات الصناعية» عديمة القيمة الغذائية    شوريون: مضامين كلمة القيادة نهج وفاتحة خير لعمل المجلس    السلمان يزور الجرحى من منتسبي القوات المشتركة    متخصصون: تقنيات حديثة تخفض تكاليف علاج مرض السكري    جبل خندمة.. معلم تاريخي ومقصد للزوار لمشاهدة المسجد الحرام من ارتفاعات شاهقة    مدير عام فرع الإفتاء في جازان يلتقي عميد كلية الشريعة سابقًا    أمر ملكي بترقية 233 عضوا في سلك أعضاء النيابة القضائي    "الذوق العام" تطلق برنامج ذوقيات "النقل العام" لخلق بيئة ثقافية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تعنيف المرأة من الإسلام
نشر في الوطن يوم 01 - 12 - 2020

من أعجب ما قد يراه الإنسان في حياته ما يحدث من ردات فعل تصدر من شريحة كبيرة في المجتمع، إثر تفعيل بعض القوانين التي تحمي الفرد وتضمن حقه في عيش حياة كريمة وآمنة، في ظل دول مدنية عادلة تمنح مواطنيها حقوقهم دون اعتبارات للجنس واللون والمذهب، وآخرها ما أكدته النيابة العامة في إعلانها قبل عدة أيام عن عقوبة من يستغل أي رابط لتعنيف المرأة، تعنيفا جسديا أو جنسيا أو نفسيا، فمن يطّلع -بحياد- على ردة الفعل هذه التي تعكس التفكير الجمعي للمجتمع السعودي عامة وللرجل السعودي خاصة، يعتقد لوهلة أن تعنيف المرأة أيا كان نوعه وطريقته ووقته هو جزء من التشريع الإسلامي في معاملة المرأة، وأن ضرب الزوجة جزء من بنيان الحياة الزوجية، وتعنيفها النفسي بالسيطرة والإذلال والامتهان «حتى لا ترفع رأسها» هي طريقة بناء الأسر وتربية البنات ومعاملة الأخوات. وهذا ما نراه في بعض الواقع ويتعارض مع حقيقة التعامل الإسلامي المبني على الإحسان ومكارم الأخلاق.
الفرق بين الحقيقة والواقع في التعامل مع المرأة في المجتمعات الإسلامية والشرقية تحديدا: أن الحقيقة تقوم على أن المروءة والنبل أن تعامل المرأة بإنصاف واحترام وتقدير ومساواة في الحقوق والواجبات وهذا ما يقوم عليه الدين الإسلامي وما عامل به النبي الكريم النساء. بينما الواقع أن المرأة في هذه المجتمعات عانت كثيرا في أساليب التعامل والتربية وفي إنصاف الحقوق، وهي مجتمعات على إسلاميتها إلا أنها في بعض التعاملات الإنسانية أبعد ما يكون عن الإسلام خاصة فيما يتعلق المرأة.
هذا النمط في التعامل مع المرأة القائم على التعنيف ليس وليد اليوم ولا الأمس، بل هو إرث قديم حملته المرأة على عاتقتها منذ العصور الأولى للبشرية التي تعاملت معها مرات بمنزلة الألوهية فعبدتها، أو شيطنتها لطبيعتها الخلقية حتى ظلمتها وغيبتها. ومرورا بالعصور المظلمة التي مرت بالعالم ومختلف الحضارات التي علمت أن المرأة مستودعا للبشرية وأداة لمقايضتها بين القوى المختلفة التي لن تتم إلا بالسيطرة عليها ماديا وجسديا ونفسيا، ليستمر الحال بين مختلف الأمم مع تباين التفلت من قبضة هذه الأغلال أو تركزه في بلاد الشرق التي خلطت بين الدين والعادة، بل استخدمت الدين لتكريس إذلال المرأة وهضم حقوقها وتعنيفها.
وليست أيام الصحوة عنا ببعيد التي ما زال جزء كبير حتى اليوم من المجتمع السعودي على سبيل المثال متأثرا بما نهجه من تعامل متطرف مع المرأة أصبحت حتى المرأة نفسها لا تستنكره ولا تقاومه، فهي إن لم تكن مشروع عار للأسرة فهي احتمال مؤكد للفتنة في المجتمع، وعليه صار التعامل معها وفق هذين النمطين اللذين يحدان من خياراتها في الحياة والحقوق والمعاملات، وأصبح من ينتقد القوانين التي وضعت لحمايتها فضلا عن القوانين التي تمنحها حقوقها يقول إن هذا مساس بالدين الإسلامي وهدم للأسر وتدخل في شؤون العائلات وطرائق تربيتها لبناتها، لا لشيء سوى أنه يرى دون مجال للشك أن حقه أن يضربها متى قرر بمقاييسه ومعطياته أنها تستحق التأديب، وأن الصراخ والنهر والشتم هو الأسلوب المستحق والأفضل لتقويم من يتوقع خطأه، وأن المتاح له من جسد المرأة حينما يعقد قرانه عليها أمر مستحق ولو بالاغتصاب والقوة.
هذا الواقع الذي ينوء بكثير من قصص التعنيف للمرأة بيننا لا يعني أن هناك أسرا استطاعت أن تكون أكثر رقيا وإنسانية في التعامل مع المرأة والرجل على حد سواء حتى في وسط أيام الصحوة ظلاما وهيمنة، وأن هناك نساء استطعن أن ينتشلن أنفسهن من ذلك الواقع بمقاومة صادقة نحو أهدافها ومستقبلها، وأن الكثير الآن من الأسر تسعى لخلع أسمال هذا الإرث المسيء للمرأة وأن ترى فيها إنسانا يستحق الأفضل معاملة وعطاء وإحسانا.
تصحيح معتقدات المجتمعات حول أمور اعتقدوا صحتها لوقت طويل، خاصة تلك المعتقدات التي هيئت لهم أنها دينية، يحتاج أن يكون تصحيحا قسريا من خلال المشرع في الدولة عن طريق الأحكام والقوانين والعقوبات النافذة التي تترتب على من يتجاوزها. وعلى المرأة في هذا الوطن الكريم أن توقن أن مثل هذه القوانين هي حق مكتسب لها لا يحق لأحد أن يتجاوزه أو أن ينال من كرامتها أو صحتها الجسدية أو النفسية تحت أي مبرر أو سلطة اجتماعية أو عائلية أو وظيفية، وأن يدرك الرجل الفاضل أن مزيدا من حقوق المرأة وتمكينها لا يعني نقصان المكان والمكانة التي كان عليها ولكن هو إدراك متأخر أن لك شريك في هذه الحياة له ما لك وعليه ما عليك من حقوق ومسؤوليات، وأن رجولة الرجل لا تهتز أو تنقص إن مُكنت النساء من حقوقهن، وأن الأسر لا تُبنى بالتنافس ولا التعنيف لأي فرد فيها، وأن ما يعيب المرأة من خطأ يعيب الرجل كذلك وجميعنا في ظل القانون سواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.