ربما يكون اللاعب الأرجنتيني الشهير دييغو أرماندو مارادونا، أحد اللاعبين القلائل في تاريخ كرة القدم، الذي تستمتع بمشاهدته وهو يلعب، بمجرد أن يلمس الكرة بقدميه، سواء كان ذلك أمام المرمى المنافس، أم في وسط الملعب، أو حتى أمام مرمى فريقه الذي يلعب له، أو إن شئت في تمرينات الإحماء التي يجريها الللاعبون قبل المباراة. البرازيلي روبرتو ريفيلينو، الذي لعب في نادي الهلال السعودي، ينتمي إلى نفس الفئة من اللاعبين الذين تستمتع بمشاهدة لمساته، وتتذوّق كرة القدم الحقيقية بمجرد أن تتجه الكرة إلى قدميه، وهو نفس السبب الذي جعل اللاعب السعودي والفنان المبدع يوسف خميس يعترف بأنه كان يتلصّص في المدرجات ليشاهد ريفيلينو رغم أن هذا الأخير يلعب للفريق المنافس لنادي النصر. فقط أولئك المتذوّقون الحقيقيون لكرة القدم يدركون ذلك. في عام 1986، وفي مباراة ربع النهائي المصيرية، والمشحونة بالكثير من العداء والتوتر، بين الأرجنتين وإنجلترا في كأس العالم، والتي جاءت بعد أربع سنوات من الحرب بينهما حول جزر الفولكلاندز، تمكّن مارادونا من تسجيل هدف مثير للجدل بيده لم يتمكّن حكم المباراة التونسي علي بن ناصر، ومراقب الخطوط من رؤيته. كان مارادونا يركض احتفالاً بالهدف وهو يتابع بقلق شديد صفارة الحكم التونسي الذي أشار بيديه إلى دائرة الملعب معلناً احتساب الهدف رغم احتجاج اللاعبين في المنتخب الانجليزي. بعد 19 عاماً من ذلك الموقف، زار مارادونا الحكم التونسي في بلده تونس وأهداه قميصه الشهير. لم يندم مارادونا على فعلته، بل قال إن هذا انتقام رمزي للحرب التي شنّتها انجلترا على الأرجنتين واحتلالها لجزر الفولكلاندز. في تلك المباراة، وبعد دقائق، أقنع مارادونا العالم، بأنه ليس بحاجة لهدف غير قانوني، وأنه قادر على أن يسجّل هدفاً آخر، لا يستطيع أحد أن يشكّك فيه، وذلك عندما استلم الكرة في وسط الملعب، وجنّدل اللاعبين البريطانيين واحداً تلو الآخر، وأتبعهم بالحارس بيتر شيلتون، ولغرض الكوميديا الساخرة، يمكن أن نقول إن مارادونا راوغ أيضا اللاعبين الاحتياط، الذين كانوا يراقبون بدهشة، الكرة وهي تعانق شباكهم، بهدف خرافي اصطلح على تسميته بهدف القرن. بعد ثلاثين سنة من هذا الهدف القاتل للإنجليز، قرّرت الفيفا استخدام ما يعرف بالحكم المساعد عبر الفيديو أو الفار VAR، إذ يقدّم هذا الحكم المتواجد خارج الملعب، خدمة مراجعة الهدف المشكوك فيه، عبر الفيديو بشكل فوري أثناء اللعب، وإخبار الحكم المتواجد في ساحة الملعب، بصحة الهدف أم عدمه. يُفترض بهذه الخدمة، أن تساعد الحكم، في اتخاذ قرار صحيح، وعاجل، حول هدف غير صحيح، مثل هدف مارادونا، أو ضربة جزاء، فاتت على الحكم. تتوقّف المباراة لدقائق، ويؤجل اللاعب، والجمهور، الاحتفال بالهدف، حتى يتمكّن الحكم من التنسيق مع غرفة الفار المظلمة، وربما ذهاب الحكم خارج الملعب لمشاهدة اللقطة المشكوك فيها، ثم بعد ذلك في حالات كثيرة، يتخذ الحكم القرار الخاطئ، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد،هل كان علي بن ناصر محقاً في احتساب هدف مارادونا؟ هل أضرّت هذه التقنية باللعبة الشعبية الأولى، وأفسدت الإثارة التي تميّزها؟ ذاك سؤال علنا نحاول الإجابة عليه في مقال قادم.