هل جربت أن تثور مشاعر غريبة بداخلك كطوفان من التناقضات؟ هل جربت حالة اللاجدوى الإنسانية؟ المسألة مربكة جداً، هل سبق وشعرت أن حياتك غامضة كأنها إحدى لوحات بيكاسو؟ هل شعرت أن ثمة وحشين كاسرين يتصارعان داخل قلبك ولا تعلم من سينتصر؟ كان شكسبير يصارع شيئاً إنسانياً ولا إنسانياً في نفس الوقت، ويتجلى هذا في مسرحياته، حيث صراع الخير والشر الكامن داخل النفس البشرية، ففي "هاملت" و"ماكبث" كانت الشخصيات تناقض المجتمع، فهاملت صاحب الأخلاق وُجد في مجتمع غير أخلاقي، أما في ماكبث فهي العكس، ومن أجل أن تكون أنت بكاملك، بكل ما فيك، كيف تتصرف مع نفسك ومشاعرك الغريبة الأطوار، هل تتقمص شخصية أخرى؟ أم تحاول أن تتناسى هذه المشاعر التي تحيلك إلى إنسان آخر قد لا تكتشفه إلا بالمواقف! يا تُرى كم واحداً منا يعرف نفسه حق المعرفة؟ وهل سألت نفسك يوماً ما الجزء المفقود في تكوينك النفسي؟ بطبيعتنا البشرية نحن لا نكتب هزائمنا، ولا انتصاراتنا، فقط نكتب ما يبقى بقلوبنا من مشاعر، فنحن نعيش تناقضاتنا الموجعة، ولا نحاول أن نتقبل أنفسنا كما هي دون تلميع لإرضاء الآخر، ومن هو هذا الآخر، هذا الذي يصعّب علينا حياتنا، هذا الذي نظل نلاحقه طوال عمرنا في محاولة يائسة لكسبه وإرضائه، وتكتشف عندما تكبر أنك كنت تلاحق سراباً. إن جوهر الإنسان هويته الذاتية، غير أن الهوية ليست سوى شكل من أشكال التحول، ويظل كل إنسان مختلفاً عن نفسه وعن الآخر بعمق؛ لأنه يضم الكثير من التعقيدات، فكل إنسان هو ذات تختلف عن الأخرى، وملاحقتك لرضا الآخر هو ضياع مستمر وانفصال بينك وبين ذاتك، بينك وبين واقعك، بينك وبين ماذا تريد فعلاً من هذه الحياة.. يشاء الله أن نكون نحن بشراً كما خلقنا بكل ما فينا من عيوب وحسنات، فنحن لسنا موكلين برسم العالم، وتلوين البحار والغابات، نحن موكلون بتحمل أنفسنا وتقبلها كما هي لا بإصلاح هذا العالم، فعندما تصلح نفسك وتقتنع بما لديك وتحب نفسك دون تعدٍّ على الآخر، سيصلح العالم، أما تقليدك للآخر وملاحقتك له لإرضائه فما هي إلا رحلة من التشظي والتبعثر، ليس فقط على صعيد الذات إنما على صعيد العيش.