يأتيهم النصح فيسمعون ولا يستمعون، يرفضون التراجع عن غيّهم، بل ويكابرون، ثم يتصنعون المظلومية، ويعيشون دور الضحية، وفوق هذا يقوم شيطانهم الأكبر بدور الناصح الأمين، فيخرج هاديا مرشدا وما ذلك له!! فيعود عليه قوله، ويرجع عليه عمله، فلا يُسمع ولا يؤخد منه، يختفي زمنا ويغيب أمدا، ثم يعاود الكرة بالظهور مرة بعد مرة، مكررا أسلوبه الغث، وحديثه الهش. في الماضي كان سيدا في الضلال، يمشي في الأرض بالفساد، يوقظ الفتن، وينمي الضغائن، ويزرع بذور الدمار، ويدفع وقود ذلك من الأموال، يهب لمن يشاء ممن هم على شاكلته، ويعرض عمن يشاء ممن ليس على هواه. يتنقل من أرض إلى أخرى، يحمل معه عفنه وقذارته، إن وجد سلاما ضاق وارتعد، وإن وجد نارا قال امكثوا إني آنست نارا، ثم زاد في قودها حتى تحرق الحرث والنسل. تاريخه أسود، ماضيا وحاضرا، وما نرى مستقبله إلا كذلك، اتخذه من كان يعلوه يمينا له فبئس ما اتخذ!! كان شمالًا ليس له في أهل اليمين فبئس القرين!! ثم مضى من يومها في تنفيذ ما امتلأت به جعبته التي لم تعرف خيرًا، ولم تفعل خيرًا قط، فبعض عملهم وإن كان خيرًا قشوره وظاهره إلا أن باطنه ولبه سواد وظلمات فوق ظلمات. بقي الحال كما هو عليه فترة من الزمن ثم أذن مؤذن أن لعنة الله على الظالمين، فكانت المقاطعة بعد فرصة ضائعة مُنحت لهم لكنهم أضاعوها، وقّعوا لكنهم كذبوا، عاهدوا ونقضوا عهدهم فلا عهد ولا ذمة لهم، ولا ثقة فيهم، ولا رجاء منهم. استغلوا منابرهم في بكائيات ما زادتهم إلا شقاء، فسقطت جزيرة الرأي والرأي الآخر!! التي ما كانت إلا أداة في أيديهم لبث سمومهم، وتغيير الحقائق، وتلفيق الأكاذيب، وصناعة الوهم، كُشفت حقيقتها فلم تعد تلك التي كانت سابقًا، فلا قدر لها ولا مقام ولا اهتمام، أبواقهم تُسبِّح بحمدهم، ولو فعلوا ذلك سبعين مرة فما هم بخارجين من دائرة دارت عليهم، ففضحتهم ولن ينفعهم بعد ذلك بكائياتهم، وما يقدمون إلا غثاء مكشوفا ظاهرا. هم طغاةٌ مفسدون، كثرت عليهم الأموال، ولأن بلدهم بضعة أمتار فقد ضاقت عليهم أموالهم تلك ولم يجدوا طريقة لإنفاقها إلا في الخراب والدمار والإرهاب. كل الحكايات تنتهي، لا شيء يبقى للأبد، لا المكر يدوم، ولا الظلم يظل، نقطة النهاية آتية وختام القصة قريب.