تم اعتماد موافقة المقام السامي باستحداث الشكل الجديد لبرنامج "ملَّاك" في مارس 2020 واستحداث لائحته التنفيذية الجديدة عن طريق وزير الإسكان ورئيس مجلس الهيئة العامة للعقار. وتأتي هذه الخطوة كمبادرة من وزارة الإسكان لتحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030 للتحول الوطني. وتتمثل رؤية هذه المبادرة في تحقيق الاستدامة ومبدأ التعايش السلمي المشترك وحفظ الحقوق بين مُلاَّك أو شاغلي الملكية المشتركة. كما يهدف برنامج "مُلاَّك" على صعيد الأفراد إلى تشجيع المواطنين لتملك وحدات سكنية ذات جودة عالية على كل الأصعدة الإنشائية منها والبيئية والاجتماعية. بالإضافة إلى استدامة المنشأة المشتركة لتكون في حالة جيدة مما يساهم في رفع قيمتها السوقية مستقبلا. أما بالنسبة لصعيد الشركات، فيهدف هذا البرنامج إلى دعم الشركات الصغيرة الناشئة في قطاع إدارة المرافق. وعلى الصعيد الوطني، فيتوقع أن يوفر هذا البرنامج 4400 وظيفة بحلول عام 2020 (العام الحالي)، وجلب إيرادات للدولة تقدر ب195 مليون ريال. ولأجل تحقيق هذه الرؤية والأهداف التي تُعنى بجودة حياة المواطن والمقيم على حدٍ سواء وتزيد من عائدات الناتج القومي، تقوم وزارة الإسكان بدوري التنظيم والرقابة، وذلك عن طريق منصة إلكترونية توضح جميع الأنظمة واللوائح الخاصة بالحقوق والواجبات والآليات التي تحكم العلاقة بين جميع الجهات المعنية بهذا البرنامج من مطورين عقاريين واتحادات ملاك وشركات التشغيل والصيانة المرافق، إضافة إلى ملاك الوحدات السكنية التي تقع في ملكية مشتركة. أما الدور الرقابي، فيتمثل في إلزام الملاك بالسداد وحل النزاعات التي قد تنشأ بسبب التخلف عن السداد، أو إخلال إحدى الجهات المعنية بهذا البرنامج بمسؤولياتها. إضافة إلى تمكين الملاك من رؤية المبالغ التي تم دفعها وكيفية استثمارها في صيانة وتشغيل وإدارة المنشأة المشتركة بينهم. ولكن للأسف، فكل هذه الصور المثالية والأحلام الواعدة لتحقيق الرؤية تصطدم على أرض الممارسات الواقعية من قبل رؤساء ومدراء الاتحادات. وتنتهي المثالية تحديدا عند خطوة تسجيل اسم ورقم الاتحاد رسميا في موقع الوزارة، لتأتي بعدها العشوائية والمطامع والأهواء والتي تُقابل بضعف الرقابة، وتباطؤ الوزارة في خطوات اتخاذ الحلول والإجراءات بحق المخالفين من جهة، وبقلة وعي الملاك بحقوقهم من جهة أخرى. فنظرة سريعة على الواقع توضح لنا حجم معاناة الملاك مع رؤساء الاتحادات التي ينتمون إليها والتي غالبا ما يكون المطور العقاري فيها هو الرئيس. فبعد تسجيل الرئيس للاتحاد واعتماده في موقع وزارة الإسكان، يقوم بعض الرؤساء بفرض مبالغ سنوية على الملاك بحجة الاتحاد دون إنشاء جمعية عمومية يتم فيها تقرير المبالغ والنفقات والاتفاقات. وتبدأ بعدها سلسلة جديدة من التلاعبات والمماطلات التي تتمحور مثلا في عدم توفير حساب بنكي باسم الاتحاد، فيجد المالك نفسه مجبرا على تحويل المبلغ الذي أجبر عليه لحسابات بنكية لأشخاص لا يعلمهم وغالبا من جنسيات عربية، أو التسليم يدويا بموجب سندات قبض لا توضح اسم الشركة المشغلة ولا ختمها ولا رقم سجلها التجاري ولا رقم اتحاد الملاك. كما تتمثل التجاوزات التي تم رصدها من خلال شكاوى الملاك في حساب "ملاك" في تويتر عدم تفعيل الاتحاد وذلك بعدم تسجيل الملاك كأعضاء رغم اعتماده من الوزارة ليتحول الموضوع من رؤية وطنية للتعايش السلمي والاستدامة إلى جباية لأموال الملاك دون أدنى ضمان لحقوقهم وفي بيئة أبعد ما تكون عن الشفافية والرقابة. والجدير بالذكر أن هذا التهميش الصارخ للملاك وحقهم في اتخاذ القرارات في إدارة أملاكهم، وهذا التحايل على الأنظمة يقابله بعض الواعين برفض الدفع لتبدأ بعدها معاناة الابتزاز العاطفي وتأليب باقي الملاك على من يطالب بإتمام الموضوع بطريقة نظامية حسب توجهات الدولة. كل هذه الممارسات غير النظامية والمخالفة من قبل رؤساء اتحاد الملاك ومدرائهم جعلت كثيرا من الملاك يتراجعون عن التسجيل بطريقة نظامية، ويرضخون لرغبات وأطماع وانفراد الرؤساء بالقرار. كما أن هذه العقبات في سبيل إنجاح هذه المبادرة، والرغبة المحمومة في الاستفادة الجشعة منها ردعت كثيرا ممن يفكرون في تملك وحدة في ملكية مشتركة. كما لا يخفى على عاقل أن المملكة تمر بأزمات سياسية مع بعض دول الجوار، وقد تُنفق إيرادات هذا البرنامج - والتي تُحَصَّل بالطريقة الخطأ التي تم سردها- لصالح منظمات إرهابية أو أن تستعمل في عمليات غسيل للأموال. ولأجل إنجاح هذه المبادرة من وزارة الاسكان وتحقيق الاستفادة المرجوة منها، فمن الحكمة استحداث هيئة رقابية خاصة تقوم بمتابعة سنوية لجميع الاتحادات المسجلة رسميا في موقع الوزارة والتأكد من تسجيل جميع سكان المنشأة المشتركة ورفع جميع محاضر الاجتماعات وفواتير النفقات وكف يد كل من يخل بالآليات المنصوص عليها في اللوائح التنفيذية. إضافة إلى توفير خط ساخن وبريد إلكتروني مخصص فقط لشكاوى الملاك ضد ممارسات رؤساء الاتحادات ومدرائها، وللحد من الفساد وتشويه المبادرات التي من شأنها رفع جودة الحياة للمواطن والمقيم.