لا شيء يبقى في المنتصف، وإلا تعطلت الحياة وتوقف كل شيء فيها عند حد، فالحياة أشبه بالخطوط المتقاطعة، والمكعبات المتراكبة، بعضها يوصل إلى بعض، وبعضها يكمل بعض، ولو إلى حينٍ بلا ديمومة. اتحاد شيئين من كل شيء هو سر الوجود "ففي المنتصف لا شيء يكتمل"، (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا). وفقاً لنظرية الانفجار العظيم في علم الكون الفيزيائي التي تمثل التفسير الأساسي لكيفية بدء الكون، إذ تعطينا هذه النظرية تصوراً في أبسط صورة بأن الجسيمات الأساسية من الإلكترونات، والبروتونات والنيترونات، اتحدت وأوجدت الأكوان المتعددة، بأشكالها النهائية أو الحالية. وعلى الرغم من اختلاف المفاهيم فقد تكاثفت المفردات لتشكيل معنى واحد أن البدايات تكون باكتمال كل شيء بشيء آخر. شراكة الحياة لا تكتمل إلا بوجود "حواء وآدم" معاً وهذه مسألة فطرية ندركها، فالأنثى تعيش بنصف روح حتى تجد من يكملها والأمر كذلك بالنسبة للرجل، وفكرة أن تبقى وحيداً وتمارس أيامك وتكتفي بذاتك هي حياة لم تعشها أصلاً، أو على أحسن الأوصاف هي حياة ناقصة لم تكتمل، وما المقصود بالعزلة إلا عزل أفكارك عن كل ما يدور حولك لتعرف أين ستجد نفسك في زحام الحياة، وهي فترة لا تدوم أبداً، لتكون قادراً على المسير وسط هذه الحياة المزدحمة بالأفكار المختلفة والمتباعدة أحياناً والمتجانسة والمتقاربة أحياناً، وتعيش في هذه الحياة المكتظة بالبشر من كل صنفٍ ولون وفكر، ووجودهم بالاختلافات أمرٌ يكمل تكوين الحياة. البقاء في المنتصف ليس أمراً ثابتاً في الحياة، لكن قد يكون مؤقتاً، والنصف ليس كافياً في الحياة، فليس بمقدورك أن تتخذ نصف قرار، لأنه من الصعب أن يسير الفرد ويحدد اتجاهاته من دون معرفة رغباته وميوله واحتياجاته. ولن يتقبل منك بأن تأتي بأنصاف الحلول، فاتخاذ القرار عامل مؤثر رئيس لاكتمال المنظومة. النظرة الجمالية بالأمر هو تحديد الاتجاه الفكري نحو الحياة بأكملها. "النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز، لأنك لست نصف إنسان، أنت إنسان، وجدت لتعيش الحياة وليس لتعيش نصف حياة"، كما ينقل عن جبران خليل جبران.