يُضنيهم الاشتياق فينتابهم الاحتياج، يعيقهم الانسياق فيزدادون اعوجاجا؛ ربما أخطأوا في اختياراتهم تلك أو ربما انزلقوا فيها من غير تعمد لمجرد كونهم لم يتقنوا فن احتواء ذواتهم أو لإدمانهم تفاصيل غيرهم، بالرغم من أنهم قد لا يعنون لهم أكثر من تعويذة صباحية يرددونها مع بزوغ شمس كل يوم تلافيا للانتكاسات العاطفية؛ أو بالأحرى لأنهم جالسوا أنصاف العشاق، وذلك كان سبباً رئيسياً في إفلاس أرصدتهم من الإقدام الذي بإمكانه أن يحلق بهم إلى أعلى الأفق. ولقد عبر «تارو» الذي لم يكن يتقن لغة غير لغة الدوائر عن الأنصاف تعبيراً بليغاً، حيث كان «تارو» يرسم دوائر صغيرة، كبيرة، حزينة أو سعيدة، مبتسمةً أو باكية، دوائر متداخلة وأخرى منفصلة، واثقة وأخرى مرتجفة؛ كان يرمي لمعان عدة من خلال رسمه لها، من ضمن تلك المعاني: دائرة صغيرة تعني: أرغب ببعض الراحة نصف دائرة تعني: جائع وعندما يكمل الدائرة تعني: لقد شبعت هكذا كان تارو يتواصل مع المحيط من حوله وكان يشعر بعدم الاكتمال عند نصف الدائرة لذلك عبر عنه باحتياجه للطعام وبإغلاق الدائرة عن اكتفائه. نصف حل لن يخلصك من المشكلة مهما كان صغر حجمها، ونصف حياة سيجعلك ميتا على قيد الحياة؛ عندما تختار الأنصاف فهذا يعني أن تصل وأن لا تصل.. أن تعمل وأن لا تعمل . أن تحلم وأن لا تحلم.. النصف هو حياة تتنفس فيها فقط لكنك لا تعيشها، عندما تقرر أن تمضي في طريق ما فإياك أن تقف في منتصفه، لأن ذلك سيعيق سيرك وسيجعلك تكثر من التباكي على أمسك، بل حتى أثناء تعبير عن مشاعرك وعن رأيك لا تصطنع الرضا مجاملة بل عبر عن رضاك وعن رفضك، فنصف رفض يعني القبول؛ النصف دائماً يعبر عن حالة العجز وأنت لست بعاجز ولست نصف إنسان، لقد وجدنا لنعيش حياة كاملة لا لنظلم أنفسنا ونعيش نصف حياة طواعية منا لا رغما عنا؛ دعك من الأنصاف فهي لا تجدي نفعا، نصف شربة لن تروي ظمأك ونصف خطوة للأمام لن تحقق هدفك إياك وأنصاف الحلول؛ إما حلول جذرية أو العدم. كذلك أنت ياحواء: لا ترضي بنصف رجل مهما كانت مميزاته؛ لأنك ستحتاجين غداً لمن يمد يد العون إليك، عندما تلتقين بنصف وتفتقدين لنصف ضروري آخر ، كما أن آدم لن يأبه بنصف امرأة أبداً؛ لذلك يجدر بكما أن تحسنا الاختيار كي تكتمل دائرتكما وتغرقا في محيط سعادتها سوياً.