تبدو عبارة أن التبغ «قاتل صامت» مستهلكة ومكررة ومعروفة، لكن وضع شركات التبغ العالمية الكبيرة أهدافاً إستراتيجية تستهدف صغار السن وتقنعهم بالتدخين والإدمان، هو المفاجئ واللاأخلاقي. وبمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي صادف 31 مايو الماضي، كشفت منظمة الصحة العالمية عن هذه الإستراتيجيات، مؤكدة أنه ليس من قبيل الصدفة إطلاقاً أن تكون الغالبية العظمى من المدخنين قد بدأوا ممارسة التدخين قبل بلوغهم ال18 عاماً. 44 مليون مراهق مدخن أكدت منظمة الصحة العالمية أن 44 مليون مراهق تتراوح أعمارهم بين 13 و 15 عاما يدخنون، وربما يزيد العدد إذا ما أضيف لهم كذلك الأولاد الذين يدخنون في سن ما قبل المراهقة. ولا يبدو أن الإيقاع بهذا الكم الهائل من المراهقين في براثن التدخين، مجرد صدفة عابرة، أو حدث يأتي دون ترتيب، بل لا بد أن يكون نتاج حملات منشقة وتكتيكات مدروسة لإقناع كل هؤلاء الأولاد بالتدخين، وهو ما أقرته منظمة الصحة العالمية، التي قالت «ندعو كل القطاعات للمساعدة في وقف التكتيك المستخدم لتسويق التبغ والصناعات المرتبطة به التي تقتنص الأطفال والشباب». ووصف مدير تعزيز الصحة في المنظمة روديجر كريتش الأمر بأن «هذه التكتيكات مؤذية جدا». وتابع «هذه التكتيكات تستهدف الأطفال والمراهقين، 90 % من إجمالي المدخنين يبدأون قبل 18 عاما، وهذا أمر متعمد. ما يفعلونه مميت». ملايين التسويق تؤكد الإحصاءات أنه لتسويق التبغ وما يرتبط به من صناعات ينفق نحو مليون دولار كل ساعة، وهذا ما كشفه منسق وحدة مكافحة التبغ في منظمة الصحة العالمية فيناياك براساد، الذي أكد «يفعلون ذلك لإيجاد مستخدمين جدد ليحلوا مكان 8 ملايين يذهبون ضحية موت مبكر سنويا». سجائر بديلة بغية الهروب من مضار التدخين، اعتقد البعض أن اللجوء للسجائر الإلكترونية قد يكون خيارا أكثر أمانا أو صحة، ويمكن أن يساعد في الإقلاع عن التدخين. والسجائر الإلكترونية هي أجهزة تعمل ببطارية تُسخِّن سائلاً (عادةً ما يحتوي على النيكوتين، لكن ليس دائما) محولةً إياه إلى بخار يمكن استنشاقه. وتحتوي معظم السجائر الإلكترونية على عبوات (قوارير) و قد تحتوي على خزان يمكن إعادة تعبئته بسائل يحتوي على النيكوتين، والمنكهات، والبروبيلين غليكول، والجلسرين النباتي. لكن هذا الاعتقاد بدا وهما، فقد أثبتت دراسات أن بعض قوارير سائل التدخين تحتوي على نوع مركّز من النيكوتين يسمى ملح النيكوتين، تحتوي القارورة التي فيها 5 % من ملح النيكوتين على ما يتراوح بين 30 و 50 ملليغرام من النيكوتين، وهو ما يعادل كمية النيكوتين التي تدخل الجسم عند تدخين علبة إلى 3 علب من السجائر العادية. وفي الأشهر الأخيرة، أبلغت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولاياتالمتحدة عن أكثر من 2500 إصابة رئوية مرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية، ويتعلق معظمها بمنتجات تحتوي على رباعي هيدروكانابينول (THC). ولا تعد السجائر الإلكترونية التي تحتوي على النيكوتين آمنة للمراهقين أو البالغين الصغار أو النساء الحوامل. حيث يمكن للنيكوتين أن يضر بنمو الدماغ لدى الأطفال والشباب في أوائل العشرينات، وهو سام للأجنّة خلال نموها. وبالنسبة للشباب والبالغين غير المدخنين، فإن استخدام السجائر الإلكترونية يعرضهم لخطر إدمان النيكوتين. قد يقودهم ذلك إلى تدخين السجائر الإلكترونية على المدى الطويل. ولم يتم اعتماد السجائر الإلكترونية من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) كوسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين. وأظهرت بيانات من 39 دولة أن 9 % من الأطفال بين سن 13 و 15 عاما يستخدمون السجائر الإلكترونية، فيما سُجل ارتفاع كبير في استخدامها في الولاياتالمتحدة بحسب منظمة الصحة العالمية. رقم مشجع على الرغم من الرقم المهول لعدد المدخنين الصغار، ومع تأكيد رئيسة معاهدة منظمة الصحة العالمية للسيطرة على استخدام التبغ أدريانا بلانكو ماركيزو «تدخين السيجارة خطر جدا ومن الصعب إيجاد أي شيء آخر أكثر خطورة منه»، إلا أنها عادت لتعطي إيحاء بالتفاؤل، قائلة «إن انتشار التدخين يتراجع والعدد المطلق للمدخنين ينخفض أيضا للمرة الأولى رغم ارتفاع إجمالي عدد سكان العالم». منتج أساسي وجد كثيرون أن تفشي مرض كورونا كان مناسبة لمحاولة كثيرين الإقلاع عن التدخين، لكن أوساط إنتاج السجائر لم تفوّت الفرصة، فخلال الأزمة كوفيد - 19 وضعت بعض شركات إنتاج التبغ شعارها على كمامات مجانية، وعرضت شركات توصيل منتجاتها إلى المنازل خلال مرحلة الحجر في بعض الدول ومارست ضغوطا لإدراج منتجاتها على أنها «أساسية» حسب إفادات منظمة الصحة العالمية ، على الرغم من أن التدخين يعد من أهم المسببات الرئيسة للوفاة، حيث يقتل استخدامه ما يقرب من 6 ملايين شخص كل عام، وما لم يتم اتخاذ إجراء لمنع استخدام التبغ، فإنه سيقتل 8 ملايين شخص سنويا في العالم بحلول 2030. مضافات جاذبة تلجأ شركات التبغ إلى استخدام عدد من المضافات في منتجات التبغ، عمداً لزيادة جاذبيتها وإمكانياتها الإدمانية، وفيما يعد النيكوتين الموجود في التبغ مادة مسببة للإدمان بشكل كبير، تقوم شركات التبغ باستخدام المضافات لتمكين المدخن من استخلاص النيكوتين من التبغ بشكل أكثر سهولة، ولتسريع امتصاص النيكوتين، ولتحسين عملية توصيل النيكوتين للدماغ. وتستخدم مركبات الأمونيا لتحويل جزيئات النيكوتين إلى صيغة تسمح للرئتين بامتصاصه بشكل أسرع، واستنشاقه بشكل أكثر عمقا، وبنهاية الثمانينات، كانت 5 من أكبر شركات التبغ ال6 في الولاياتالمتحدة تستخدم تكنولوجيا الأمونيا في منتجاتها. ويستخدم منتجو التبغ مضافات أخرى تجعل التبغ أقل حدة، ومنها السركيات التي تجعل طعمه مستساغا أكثر، وقد يضيفون له النعناع، وحمض الليفولينيك الذي يغير كيمياء الدماغ لجعله أكثر تقبلا للنيكوتين، وكذلك المنكهات بمذاق الحلوى، وغيرها. كما يستخدمون مضافات أخرى مثل أوكسيد الماغنيزيوم الذي يجعل دخان التبغ أكثر بياضا، والقرفة التي تحد من رائحة دخان التبغ، وهناك مضافات أخرى توهم بأن للتبغ فوائد صحية كاذبة مثل الفيتامينات والفاكهة والخضراوات والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية الأساسية، ومثل إضافة الكافيين والتورين اللذين قد يعطيان فكرة أن منتجات التبغ تزيد من الطاقة والحيوية. 44 مليون مراهق يدمنون التدخين 13 15أعمار المراهقين المدخنين %90 من المراهقين بدأوا التدخين قبل ال18 عاما %9 من مراهقي 39 دولة يدخنون السجائر الإلكترونية 2500 إصابة في أمريكا بالسجائر الإلكترونية خلال الأشهر الماضية 8 ملايين شخص يقتلهم التدخين سنويا بحلول 2030