لولوة العبد الله ومنال الجعيد نموذجان للتحدي والإرادة استطاعتا قهر الإعاقة البصرية بتحقيقهما المركز الأول مع مرتبة الشرف بامتياز بجامعة الملك عبد العزيز في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بقسم الصحافة والإعلام. الخريجتان سردتا قصة الكفاح والمثابرة وتغلبهما على الصعاب التي واجهتهما في حديث خصتا به "الوطن". وقالت لولوة العبدالله إن أول عوامل التغلب على كلمة لا أستطيع كانت بالإيمان بالله والقدر، وانعكس هذا بالإصرار على الصمود والثبات على التحمل ومواجهة القدر، وما زلت أتنقل من تحقيق هدف إلى آخر حيث زرعت أمي بداخلي القدرة على تحمل الألم من أجل تحقيق الهدف. وتضيف لولوة: كنت أخشى كثيرا من الفشل. وعن إصابتها بفقد البصر تؤكد: بدأت حياتي كأي طفلة ولم أكن أشكو من أي مرض خلقي أو وراثي إلى أن أنهيت المرحلة الابتدائية ثم بدأ نظري يضعف فوصف لي الطبيب نظارة طبية زادت الوضع سوءا وأدت لإصابتي بهيجان والتهاب مزمن مع ارتفاع في ضغط العين، وأثر هذا على بصري بشكل تدريجي مما جعلني أتوقف عن دراسة المرحلة الثانوية، على أمل استرداد نظري. وتقول: كنت أحلم بمستقبل علمي باهر وأخطط لأصبح طبيبة عيون لكن أملي بالعلاج والشفاء تضاءل، فعدت عن حلمي والتحقت بمعهد النور لتعليم المكفوفين لأستكمل دراستي الثانوية، وفعلا تجاوزت جملة من المشكلات بدايتها ضياع حلمي بالالتحاق بالقسم العلمي، واضطراري للدراسة بالقسم الأدبي، وكذلك اضطراري إلى التعود على الدراسة والكتابة بطريقة "برايل" للمكفوفين. وتشير إلى أن وقوف والدتها معها وشقيقتها (سارة) منحها العزيمة والقوة على تخطي كافة المعوقات، وأنها بذلت مجهودا حتى استطاعت تحويل جميع المواد المكتوبة إلى مواد صوتية، ودفعها هذا للاستمرار والتميز الدراسي، ووفقت وحصلت على المركز الأول وتخرجت من المعهد كي تلتحق بجامعة الملك عبد العزيز. وتشير لولوة إلى أن الكفيف بالجامعة يواجه صعوبات عديدة منها عدم توفر كتب "برايل" أو مراجع إلكترونية، إلا أن آلامها سرعان ما زالت فيما يتعلق بصعوبة التكيف والتعامل مع الكتب والمصادر والأبحاث، وأنها تمكنت من قراءة المراجع بواسطة برنامج قارئ الشاشة الذي يساعد الكفيف على تطبيق الأوامر وقراءتها. وتوضح أن التحاقها بقسم الإعلام كان بمثابة الدواء الذي وفر لها العلاج من شغفها بدراسة الطب، وتمنت لو تصبح مذيعة لامعة بعدما علمتها دراسة الصحافة وتعاون أعضاء هيئة التدريس تجاوز العقبات والصعوبات وتنمية موهبتها. قصة تميز لولوة العبد الله، لا تختلف عن رفيقتها منال الجعيد والتي أكدت أن المنتصر دائما ما يحصد قدرته على الثبات وتخطيه للعقبات من أجل اجتياز كافة العقبات ومنها سيصل بإرادته لتحقيق الهدف. منال روت ل "الوطن" بدايتها مع فقد البصر والتي حولت مسار حياتها منذ 11 عاما، حين أصيبت بمرض الالتهاب الصبغي الوراثي والذي يؤدي لفقدان البصر تدريجيا. وتؤكد أنها عاشت حياتها منذ الصغر بشكل طبيعي وأتمت دراستها للمرحلة الثانوية والتحقت بكلية التربية تخصص "رياضيات"، ولكن حملت الرياح ما لم تشتهيه السفن، حيث بدأ بصرها يضعف تدريجيا. وتصف منال الحاصلة على المركز الأول مع مرتبة الشرف الأولى بقسم الصحافة والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز شعورها في ذلك الوقت، بأنها عاشت بين اليأس والانكسار لرغبتها في الحصول على شهادة جامعية في قسم تعشقه كثيرا وجهلها بعالم الكفيف ووسائل تعليمه، فتقول "تمكنت من التميز والقدرة على التكيف مع حياة الكفيف عبر البرمجيات والاستفادة من الإنترنت مما سهل علي مذاكرة المراجع وساعدني على اجتياز التعليم العالي بعدما رسمت هدفا لحياتي وأن أكون شخصية مؤثرة". وتختم حديثها بأنها لا تنكر مواجهتها لبعض المعوقات، منها عدم توفر مناهج دراسية ملائمة لمكفوفي البصر والنظرة الدونية بأن المكفوفين يعجزون عن التعليم والعمل، لتقول "إن النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك". من ناحيتها تؤكد الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بسنت العقباوي أنها لمست في الطالبتين حضورا لافتا وإصرارا كبيرا على التفوق وإنجاز أي عمل يوكل لهما. وكشفت أنهما كانتا تنجزان الأبحاث في أسرع وقت. ونجحتا في إطلاق صحيفة إلكترونية.