مازال الإخفاق يواجه المكفوفين أمام رغبتهم في الالتحاق بمختلف الوظائف التي تأهلوا لها؛ بعد أن أنهوا دراساتهم وتدريباتهم الخاصة بمثل تلك الوظائف في القطاعين الحكومي والأهلي، حيث يواجهون عقبات أمام وصولهم إلى مبتغاهم. "الرياض" التقت عددا من المكفوفين؛ لتسليط الضوء على معاناتهم في هذا الجانب. معلم أو سنترال! في البداية قال الأستاذ "محمد الشويمان" -مدير أحد مراكز المكفوفين بالرياض- إنّ مشكلة التوظيف التي يواجهها المكفوف والمكفوفة تعد من المشكلات القائمة منذ فترة طويلة بالمملكة، حيث كان من المعتاد ومازال لخريجي الثانوي الحاصلين على دورة بمركز التأهيل الشامل تعيينهم متى توفرت الفرصة كمأموري سنترال، وبالنسبة لخريجي الجامعات يوجهون للتدريس متى توفرت وظائف وهذه إشكالية كبيرة نعاني منها، من خلال حصر المكفوف بين مأمور سنترال أو تدريس، متسائلاً إلى متى تبقى تلك الفرص بين التعليم والسنترال، حيث هناك مجالات كثيرة يمكن للمكفوفين أن ينتجوا فيها كما هو الحال في الاستشارات القانونية والمحاماة والاستشارات الشرعية وكباحثين في مختلف الجهات، وكمدع عام لمشكلة ما وليس كمحام؛ خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان وجود التقنيات المساعدة لهم لأداء الأعمال كما هو الحال في ميزات الحاسب الآلي والتقنيات الأخرى التي يمكن أن يستعين بها الكفيف لتسهيل عمله كما هو الحال في العمل عبر الهاتف بالبنوك والشركات. عبدالرحمن الغامدي الذكاء والمهارات وأوضح أنّ هناك الكثير من المكفوفين لديهم نسبة عالية من الذكاء والمهارات، ويحتاجون فقط للتدريب والتأهيل الكافي ليقدموا ما يمكنهم، مطالباً وزارة الخدمة المدنية بتوسيع مجالات العمل المتاحة أمام المكفوفين، مشيراً إلى أنّ لدينا حالياً خريجي دبلوم حاسب آلي من المكفوفين لا يزال أمرهم معلقاً وأشبه بالمقفل في القطاع الخاص، مقترحاً على وزارة الخدمة المدنية ألاّ تترك المبصر ينافس الكفيف على وظائف مناسبة له خاصة في المجالات التي تخدم التربية الخاصة، كذلك مطلوب للمجالات التي تخدم الكفيفات وياليت العلاج يكون عاجلا ويخدم نسبة كبيرة من المكفوفين والمكفوفات. مشكلة موجودة وأكد الأستاذ "معاذ المعتاز" على أنّ مشكلة توظيف الكفيفين والكفيفات بارزة في أغلب القطاعات، مشيراً إلى بعض المواقف التي حصلت له من أحد الجيران بعد تخرجه في كلية الشريعة بتقدير ممتاز، حيث قال إني أخبرته بهذه النسبة من التميز فقال أنت كفيف فما هي الفائدة من دراستك وتحصيلك الجامعي؟، حيث يعتقد وللأسف أن الشخص الكفيف لا يمكن أن يعمل أو ينتج شيئاً في المجتمع، وهذا مفهوم خاطئ راسخ في أذهان الكثير من الناس قد يرجع الى تقصير المكفوفين في أنهم لم يظهروا قدراتهم وإمكاناتهم في مجال التحصيل والخبرات، وقد يكون من وسائل الاعلام والصحافة بشكل عام وغيرها للرد على هذه النظرة السلبية، مشيراً إلى شخصيات كثيرة من المكفوفين أثبتت وجودها وتميزها مثل الشيخ عبدالله الغانم -رحمه الله- والأستاذ ناصر الموسى ومجموعة من الأساتذة المكفوفين من حملة الدكتوراه؛ ممن اثبتوا وجودهم في المجتمع، وعليه فإن الحجة قامت على من يدعي أو يعتقد بعدم وجود إمكانات وقدرات متميزة للمكفوفين والمكفوفات، وكذلك جاء الوقت الذي نقول فيه للمجتمع أن الكفيف بإمكانه أن يقوم بالكثير من النشاطات والأعمال التي يقوم بها المبصر ويتفوق عليه ويتميز خاصة مع وجود الكثير من البرامج الناطقة في الحاسب. محمد الشويمان معاناة المكفوفين وقال الأستاذ "جاسم بن محمد": إنّ كفيف البصر يعاني من العديد من المشاكل في التوظيف، حيث يعتقد الكثير من الناس أنه لا يستطيع استخدام الأجهزة المتقدمة، ومعي الآن جهاز (البرويسنس) خاص بالمكفوفين يستطيع ولله الحمد استخدام أكثر من سبعة برامج وتخدم حاجاتي في العديد من المجالات التقنية، متمنياً من المسؤولين أن ينظروا إلى ذلك والعديد من الإمكانات بعين الاعتبار وان يدرسوا معاناة المكفوفين مع التوظيف دراسة كافية؛ ليسهموا بإذن الله في تعزيز إمكانات المكفوفين وتواجدهم وإنتاجيتهم وتفاعلهم الايجابي داخل المجتمع، مطالباً الجهات المعنية بإيجاد وظائف تتناسب مع قدرات وإمكانات المكفوفين ليس في مجال التعليم فقط؛ فالكفيف باستطاعته العمل في مجالات مختلفة كما هو الحال في تصميم المواقع بالانترنت ويا رب تزداد الفرص المتاحة أمام المكفوفين للعمل. معاذ المعتاز إغلاق المدارس وأوضح الأستاذ "عبدالرحمن الغامدي" أنّ مشكلة المكفوفين والمكفوفات مع التوظيف زادت في كل التخصصات التي درسوها بمختلف المعاهد والجامعات، معتقداً أن ذلك يرجع لعدة أسباب أبرزها نظرة وزارة الخدمة المدنية ومعظم الجهات الخاصة للمكفوفين في أنهم غير قادرين على العمل، وهذا غير صحيح. وقال: هناك ملاحظة تخص إجراءات نفذت مؤخراً وأضرت ببعض المكفوفين، وهي إغلاق بعض مدارس الدمج، حيث حرمت المكفوفين وظائف عديدة كان يمكن أن يلتحقوا بها، متمنياً من وزارة الخدمة المدنية أن تضع خطة متكاملة لتوظيف المكفوفين على مدار العام إلى جانب إعادة فتح مدارس الدمج التي أغلقت في العديد من مناطق المملكة، وكذلك التوسع في تلك المدارس لتتيح لنا مزيداً من فرص العمل لاسيما إن الدمج خطوة رائعة، حيث يدخل الكفيف المدارس العادية، ويكون جنباً إلى جنب مع اقرانه المبصرين، كما يكون هناك تفاهم وتواصل اكبر بين المكفوفين والمبصرين. جاسم بن محمد فرص أكبر وأشار "صالح العنزي" إلى أنّ وزارة الخدمة المدنية لا تنظر للكفيف كما هو الحال في نظرتها للمبصر من خلال ما نلمسه في إتاحتها للفرص الوظيفية، حيث مازال المخططون في الوزارة وللأسف ينظرون إلى الكفيف أقل بكثير من إمكانات المبصر في جميع الأعمال، كما هو الحال في وظائف التعليم وغيرها، مطالباً بفرص أكبر. وقال: إن فقدان نعمة البصر ليس عائقاً عن أداء بعض الأعمال في الوقت الحاضر لوجود تقنيات وأجهزة متطورة أصبح الكفيف ولله الحمد قادراً على التعامل معها، وكذلك الخدمات المتاحة له كما هو الحال في التعليم وأعمال المسجد، مؤكداً على اننا قادرون على أعمال أخرى كثيرة كالترجمة الحية وتعليم الحاسب لذوي الاحتياجات الخاصة فلماذا لا تتاح الفرصة لنا؟