اختطفه ثم اغتصبه وهو يصوره، بعد ذلك قام بتهديده بتلك الصور والفيديوهات طالبا منه الخروج معه هو وصديقه ليمارسا معه الرذيلة. قبل طلبه مضطرا حتى يراه، وفي الموعد المحدد بينهما، أخرج المسدس وقتله، ثم قتل نفسه. هذه القصة وقعت في رمضان الكريم، وكل سكان عسير لا ينسونها. الله وحده العالم بحجم المرارة والألم والتعب النفسي الذي عاشه هذا الشاب، حتى رسا أخيرا على هذا القرار طوال الأيام قبل الموعد بينهما، وحتى حصل على المسدس. أتساءل لو كان هذا الشاب ابنا أو قريبا لأحد أعضاء مجلس الشورى الذين أسقطوا المقترح الوارد من الحكومة بجواز إضافة (التشهير) إلى العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة التحرش، «بحسب جسامة الجريمة»، هل سيبقى على رأيه في إسقاط المقترح أم لا. هل الجاني لو كان يعلم بهذه العقوبة -التشهير- سوف يقدم على فعلته، خاصة إذا ما علمنا أنه من أبناء عائلة تدعي المثالية، يهمها العيب أمام الناس ولا يهمها الحكم الشرعي حراما أو حلالا. وآخر تجاوز ال40 من عمره لم يتزوج يقضي حياته بين اغتصاب الأطفال، وتنفيذ عقوبة السجن، وفي كل مرة لا يتوب، في كل مرة ضحية بين أطفال ومراهقين. هل لو شُهر بهذا الرجل سيستمر على فعلته ويختطف الأطفال والمراهقين ويكسرهم منذ بداياتهم، ويحول بعضهم إلى شواذ جنسيا، بينما يمرض البعض الآخر نفسيا إلى أن ينتحروا ويلقوا مصيرهم. كل هذه التساؤلات لا أحد يستطيع الإجابة عنها بإنصاف مثل أعضاء الشورى، خاصة الذين أسقطوا المقترح. في حقيقة الأمر، آراء بعض أعضاء المجلس تجاه موضوع التحرش وقضاياه غالبا ما تكون محبطة، غير مبالية بفئة متضررة أشد الضرر، بل إن بعضهم أصبح جسدا بلا روح، ومع ذلك ينظرون للقضية بأنها غير موجودة، ولا داعي لوجود نظام لمكافحة التحرش من الأساس. إذ إنها ليست المرة الأولى التي يسقط فيها أعضاء الشورى توصية تنص على عقوبات ضد المتحرشين والتحرش بشكل عام، ولا أحد ينسى إسقاط التوصية التي تقدمت بها عضو المجلس موضي الخلف، بشراكة زميلتها نورة المساعد، في عام 2018 والمعنية بإنشاء سجل وطني للمتحرشين بالأطفال، لضمان عدم انخراطهم في مهن تسمح لهم بالتعامل مع الأطفال مستقبلا. قضايا التحرش من أكثر القضايا الأخلاقية، بل أجزم أنها الأكثر على الإطلاق، التي تحتاج وقفة، ولا أعمم هنا بالحديث قضايا التحرش التي تمس كرامة الإنسان مثل التحرش اللفظي أو التحرش الجسدي من الدرجة الأولى. حديثي هنا عن قضايا التحرش الجسدي الذي يعتمد على اغتصاب طفل أو طفلة، مراهق أو مراهقة، القضايا في هذا الموضوع كثيرة جداً، وساعد التستر على انتشارها وكثرتها بالرغم من إصدار عقوبة للمتحرش، إلا أنها تظل مخففة رغم جسامة أثرها على المجني عليه. ولكن مع إضافة عقوبة التشهير بالمتحرش، في مجتمع تعنيه بالدرجة الأولى السمعة والذكر بين الناس، أثق بأن عدد قضايا التحرش سينقص بشكل ملحوظ، ولن يغامر أحدهم بتشويه سمعته من أجل نزوة ساعات. التشهير بالمتحرش «المغتصب» أقل ما يصدر بحقه من عقوبة، فما تركه من أثر نفسي لن تمحوه الأيام والسنوات. والتحجج بأن عقوبة التشهير فيها ضرر لعائلة المتحرش، مجانبة للصواب، إذ إن الجميع يعي أن هناك مؤثرات خارجية في تربية الأبناء، مهما كانت الأسرة محافظة ومثالية، وكل نفس بما كسبت رهينة.