أثار تفشي فايروس كورونا السريع في العالم جدلا قانونيا حول عقوبة عدم الامتثال للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول لمكافحته، باعتبار ذلك تهديدًا للصحة العامة، هل تعتبر جريمة جنائية يحاسب عليها القانون، وما إذا كان ينطبق على مخالفيها المادة (23) من نظام الوقاية من الإيدز التي تنص على أن عقوبة عدم الالتزام بإجراءات العزل المقدرة ب 50 ألف ريال. تساءل الدكتور عبدالله السفياني قائلا: «قانونيا بعد التحذيرات المتتالية والمركزة من كون الشخص باختلاطه وعدم عزل نفسه يلحق الضرر بالآخرين، هل إذا ثبت تفريطه وتسبب في مرض أو هلاك أحد يجرم ويعاقب أم لا!؟». المسؤولية الجنائية قال عضو مجلس الشورى الدكتور فهد العنزي: «المسؤولية الجنائية لناقل فيروس الكورونا هي مسؤولية متصورة ويمكن أن تتحقق إذا تعمد حامل الفيروس والذي يعلم بإصابته نقله إلى شخص أو أشخاص سليمين بقصد إيذائهم، وتتضح معالم هذه المسؤولية أكثر إذا كان القصد هو قتل شخص لا يقوى على مقاومة الفايروس بحكم سنه أو وضعه الصحي». وأضاف: «فيما يخص الإثبات فهو بالفعل صعب جداً لا سيما إثبات توافر القصد الجنائي. ولكن عدم الالتزام بالأوامر والتعليمات والخروج بالرغم من منعه والحجر عليه وتعمد وضع اللعاب مثلا على الأماكن المعرضة للمس من عامة الناس مثل أزارير المصاعد ومقابض الأبواب، يُسهل مسألة إثبات القصد الجنائي وفق ظروف معينة، وكون النتيجة قد تحققت بالفعل إلا انها تبقى تحت إطار فعل الإيذاء وتعمد فعل الإيذاء والإضرار بالغير. لكن كون هذه الوسيلة قاتلة أم لا، تبقى محل نقاش وهناك خلاف كبير بشأنها بين فقهاء القانون». المسؤولية والعقوبة تنص المادة (23) من نظام الوقاية من الإيدز على أن عقوبة عدم الالتزام بإجراءات العزل هي 50 ألف ريال -في حدها الأقصى- مع تعويض المتضرر من العدوى، لفت الدكتور العنزي إلى أن هذه المادة وغيرها مما جاء به النظام خاصة بمرض متلازمة نقص العوز المناعي الإيدز. وهنا نفرق بين المسؤولية والعقوبة الخاصة بفعل معين. فالمسؤولية الجنائية لنقل فايروس كورونا متصورة لكن تطبيق العقوبة الخاصة بنقل فايروس الإيدز على نقل فايروس الكورونا هي محل نظر حتى من قبيل القياس. معايير قياس المرض قال أستاذ القانون الدولي الدكتور عبدالمحسن العثمان؛ «اتفق أن المسؤولية الجنائية بشكل عام تنشأ إذا توافرت أركانها، ولكن قد يكون الأمر صعبا حيال مسألة القتل العمد، وهو الأمر الذي يمكن أن يعزى إلى عدم إمكانية الجزم بأن الفيروس قاتل بطبيعته، حيث يتفاوت الأثر السلبي للإصابة به بشكل واضح، ولا توجد معايير موضوعية بعد لقياس تأثيره المباشر. ولكن يمكن على أي حال محاولة إعمال ما يعرف بالقتل بالسبب والذي يعرف بأنه «ما أثر في التلف ولم يحصله، أي ما كان علة للموت ولكنه لم يحصله بذاته»، والتي تم الاستناد إليها سابقًا بغرض التأسيس للمسؤولية الجنائية عن نقل فيروس (HIV) المسبب لمرض الإيدز. عقوبة طريقة العدوى تابع: «وبناء على مقتضاها، يمكن القول إنه إذا كانت الإصابة بفيروس الإيدز ستؤدي حتمًا إلى هلاك الشخص الحامل له، فإن الشخص العالم بإصابته بنقله للفيروس المسبب لمرض الإيدز إلى شخص سليم تتوافر في حقه جناية القتل العمد بطريق السبب، وذلك برغم أن الهلاك الذي لحق بالشخص الذي انتقل إليه الفيروس، لم يكن بفعل الجاني الذي نقل الفيروس عمدًا، وإنما بسبب المرض الذي تم بطريق العدوى، والذي أدى إلى فقد الجسم مناعته مما أدى إلى الوفاة. وذهب جمهور الفقهاء إلى أن القتل بالتسبب مساو للقتل بالمباشرة في وجوب القصاص، مستدلين على ذلك بأن القتل المباشر وبالسبب أدى كل منهما إلى إزهاق روح المجني عليه؛ فهما متساويان في النتيجة، ومن ثم فإن عدم المساواة بينهما يؤدي إلى انتشار الجرائم بهذه الكيفية التي تعفي الجاني من القصاص، الأمر الذي يتنافى مع علة تشريع القصاص». أما المستشار القانوني الدكتور محمد لطفي فأشار إلى أنه قد تنطبق على ناقل فيروس كورونا جريمة تعريض حياة الآخرين للخطر. القوانين في بعض الدول تجاه المتعمدين نشر الفيروس الكويت عقوبة 5 أعوام سجنا لكل من يرفض فحصه عند قدومه البلاد وهو حامل لفيروس كورونا يكون متهما بتعريض حياة الآخرين للخطر 15 عاما سجنا إذا نقل الفيروس لغيره عُمان عزل الأشخاص المصابين أو المخالطين للمرضى في المكان الذي تحدده وزارة الصحة، وكل من يخالف إجراءات العزل، يعتبر مرتكبا لجريمة جزائية تستوجب الملاحقة القانونية البحرين تغريم من لم يمتثل لقرار العزل الصحي بعد قدومه للبلاد من دولة موبوءة بمبلغ 2000 دينار بحريني ما يعادل (20 ألف ريال). إيران السجن لمدة عام لمن يخفي إصابته بفيروس كورونا الصين شددت وزيرة الصحة الصينية على أن «انتهاك أمر الحجر الصحي يعد جريمة جنائية». العراق السجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات لكل من ارتكب عمدا فعلا من شأنه نشر مرض خطير مضر بحياة الأفراد. فإذا نشأ عن الفعل موت إنسان أو إصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت أو جريمة العاهة المستديمة حسب الأحوال.