بكاه بدموع وطن وأحزان أمة وعاد بالذاكرة 35 عاما حين وقف شاعرا يصدح بأحلام أهله وتطلعاتهم، الشاعر إبراهيم مفتاح التقته "الوطن" في منزله بجزيرة فرسان وتحدث لها عما يحتفظ به من ذكريات مع فقيد الوطن والأمة نايف بن عبدالعزيز رحمه الله. يقول مفتاح "كان الخبر بالنسبة لي مفاجئا عندما سمعته وقرأته في إحدى القنوات الفضائية، ولا شك أن الموت محتم على كل إنسان، لكنه حين يأتي الخبر بهذه الصورة يكون وقوعه وأثره أشد على النفس" وبنبرة يملؤها الأسى تحدث مفتاح عن زيارة الأمير الراحل لفرسان بقوله "أعبّر بهذه الكلمات من منطلق ذلك اليوم وهو الرابع من شهر شعبان لعام 1398ه عندما زارنا في فرسان فقيد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، إذ يعد ذلك اليوم بالنسبة لأبناء فرسان تاريخ ميلاد جديد لجزيرتنا الحالمة والساكنة بين أحضان البحر" وعن أهمية تلك الزيارة وما تركته من أثر على إنسان فرسان قال مفتاح كانت تلك الزيارة مفاجأة سارة غيّرت معالم الحياة في جزيرتنا فرسان التي أتحدث عنها عائدا بالذاكرة لذلك اليوم حين وقفت أنا وكل أبناء فرسان أمام سموه كمسؤول من مسؤولي القمة في وطننا الحبيب وتذكرت وقوفي أمامه شاعرا لأقرأ على مسمعه قصيدتي "تحية ورجاء" واضعا بها كل معاناتنا التي كنّا نعيشها داخل البحر: فهل لنا ياسمو الضيف من أمل/ في نظرة نحو مستشفى يداوينا. مريضنا كم تلوى من تألمه/ والحل جيزان، أو موت على المينا إلى جانب العديد من المطالب التي تضمنتها تلك القصيدة، ورغم تلك السنوات التي مرت ما زلت أتذكر قمة تفاعله وتأثره رحمه الله عندما أودع أنامله أحشاء علبة المناديل لينزع منديلا راح يمسح به دموعه مصغيا إليّ وأنا أقرأ: والهاجرون ديارا كان يملؤها/ صخب الحياة وأصوات المنادينا. أضحت تحن إلى الضوضاء ساحتها/ وللأهازيج تحيي عهدها فينا. هذي المنازل في شوق لمن رحلوا/ تدعو الإله بأشواق المحبينا. بأن يرد إلى السكنى أحبتها/ ويجمع الشمل أزهارا ونسرينا. وكم تحن أراضينا لطائرة/ لو مرة كل أسبوع تواسينا. فكانت البشارة من سموه رحمه الله لأهل فرسان أن قال رحمه الله: "ستكون لكم وسائل نقل مأمونة ومضمونة تنقلكم وتنقل عوائلكم وسياراتكم وبالمجان" وقد تحقق وعد سموه الكريم في العبّارات الثلاث التي جاءت لفرسان بعد عودة سموه مباشرة، وكان لها أن فتحت لفرسان أبواب المستقبل وأبواب الحياة الحديثة باكتمال جميع الخدمات التي ننعم بها اليوم، وأردف الشاعر إبراهيم مفتاح أتذكر أن كلا من وزراء المالية والمعارف والتخطيط آنذاك وصلوا للجزيرة بعد ساعات من انتهاء ذلك الحفل فطلب سموه من محافظ فرسان آنذاك عبدالعزيز القصيبي رحمه الله استدعائي وحين حضرت قال سموه لي "سمّع الوزراء القصيدة يا إبراهيم" وما زالت هذه الجملة ترن في أذني حتى الآن. هذه هي الأفعال والخصال الحميدة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله وعندما أبكيه اليوم أبكيه بدموع وطن وأحزان أمة ولا أملك في هذا المصاب الجلل إلا أن أرفع كفيّ داعيا الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أخاه خادم الحرمين الشريفين وأفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي الصبر والسلوان.