تسبب الاتفاق المشبوه الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق المشكوك في شرعيتها تحت مسمى ترسيم حدود مناطق النفوذ في المتوسط في ردود فعل دولية غاضبة، إذ اعتبرته الهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية، انتهاكا صارخا للقانون والمواثيق الدولية، وتعديا على سيادة الدول شرق البحر المتوسط. فيما تواصل غضب المؤسسات الليبية ضد الاتفاقية المثيرة للجدل، وهددت بأنها لن تسمح لتركيا وغيرها، بنهب ثروات الليبيين ومقدرات البلاد، تحت غطاء الاتفاقية الأمنية والبحرية غير الدستورية، داعية إلى جواز الحجر وعزل السراج من موقعه. بيان الاتحاد الأوروبي وفي بيان قوي لقادة دول الاتحاد الأوروبي عقب الاجتماع الوزاري الأخير للاتحاد في بروكسل، اعتبروا أن الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية، انتهاك للقانون الدولي، فيما يتوقع أن تتضمن مسودة البيان الختامي التي تصدر رسميا عن القمة الأوروبية هذا الأسبوع، أن امذكرة التفاهم التركية الليبية حول ترسيم حدود المناطق الاقتصادية البحرية في المتوسط، تنتهك الحقوق السيادية لدولة ثالثة ولا تتطابق مع قانون البحار للأمم المتحدة. تضامن ألماني وأعلن مسؤولون من المستشارية والخارجية الألمانية، عن تضامن الحكومة الألمانية مع اليونان وقبرص، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أنديبار، أن الوزارة «تشاطر بالتأكيد» موقف الاتحاد الأوروبي المتضامن مع اليونان وقبرص، وحثت تركيا وليبيا «على احترام السيادة والحقوق السيادية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي». نهب ثروات الليبيين من جانب آخر، أكد المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان الليبي فتحي المريمي، أن الجيش الليبي لن يسمح لتركيا وغيرها، بنهب ثروات الليبيين ومقدرات البلاد، تحت غطاء الاتفاقية الأمنية والبحرية غير الدستورية التي وقعها رجب طيب إردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج. وقال المريمي إن المواجهة العسكرية مع تركيا قادمة لا محالة، إذا تجرأ إردوغان وأرسل ما تعهد به من جنود وآليات وأسلحة لميليشيات الوفاق، أو إذا فكر في الاقتراب من سواحل وحدود ليبيا. لا حدود مع تركيا وأضاف المريمي أن الاتفاقية مرفوضة شعبياً وبرلمانياً، فضلاً عن أنها مخالفة دستورياً، ولا قيمة لها، لكن إردوغان يتستر بها لدعم الميليشيات الإرهابية في طرابلس، وتقويتها في مواجهة الجيش الليبي بعد اقترابه من تحرير العاصمة من الدواعش، وأنصار الشريعة والقاعدة، وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تقاتل لحساب جماعة الإخوان وحكومة الوفاق ويدعمها إردوغان. وقال إن الصفقة التي وقع بها السراج الاتفاقية غير دستورية، وتركيا ليس لها حدود مع ليبيا لتوقع معها اتفاقية ترسيم حدود، ولذلك فالاتفاقية في مجملها وتفاصيلها باطلة وغير قانونية، لكنها ستار لغرضين: الأول هو نهب إردوغان لثروات ليبيا والثاني تسهيل دعم تركيا للجماعات الإرهابية لمساندة للإخوان والسراج في ليبيا. عزل السراج وذكر نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أن المجلس يسعى لعزل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بعد توقيعه الاتفاقية، موضحا أن السراج بات يتصرف بصورة بعيدة عن روح الاتفاق السياسي قائلا «السراج لا يحترم الاتفاق السياسي»، معتبرا أنه «يجب الحَجْر» على السراج بسبب تعريضه ليبيا والمنطقة للخطر. وذكر أن الاتفاقية باطلة قانونيا كونها تحتاج موافقة أعضاء كل من المجلس الرئاسي والبرلمان الليبيين، و»السراج غير مخوّل لتوقيع اتفاقية كهذه بشكل منفرد، فهو يحتاج لموافقة المجلس الرئاسي والبرلمان الليبي، وهو لم يعرض الاتفاقية على المجلس الرئاسي»، مع تواصلهم مع أمين عام كل من مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة وجامعة الدول العربية لعزل السراج. أميركا وروسيا من جانبه، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن الولاياتالمتحدة تريد العمل مع روسيا لإنهاء الصراع في ليبيا، لكنه قال إنه ذكّر نظيره الروسي سيرجي لافروف أمس بحظر الأسلحة المفروض على ذلك البلد. وأضاف: «نريد العمل مع الروس للوصول إلى مائدة التفاوض وإجراء سلسلة نقاشات تقود في نهاية المطاف إلى تسوية تفضي إلى ما تحاول الأممالمتحدة فعله». غباء سياسي من جهته، ندد رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة عارف النايض بحديث الرئيس التركي رجب إردوغان عن إرسال قوات إلى ليبيا، واصفًا إياه بأنه حديث في قمة الغباء السياسي، معتبرا ما قام به إردوغان من اتفاقيات غير شرعية مع السراج، إضافة أن تهديده بغزو ليبيا خدمة كبيرة قدمها ضد المجلس الرئاسي الذي انفض عنه الجميع بما في ذلك إيطاليا. وأوضح أن الجهة المعنية بهذه الاتفاقيات تحديدا هي البرلمان الليبي وفقا للإعلان الدستوري واتفاق الصخيرات، كونه الجهة الوحيدة المنتخبة الذي تعترف به الأممالمتحدة ويعترف به العالم، لافتاً إلى أن حكومة السراج لم تحظ بثقة البرلمان قط، حيث قدم حكومتين وفشل في كسب الثقة، ولم يؤد اليمين القانوني أمام البرلمان. جماعة الإخوان وأشار النايض إلى أن السراج ومن يتبعه أصبحوا أداة في الصراع، بل أصبحوا أداة بيد جماعة الإخوان والجماعة الإخوانية الموجودة في إسطنبول، وكذلك أداة في يد إردوغان لتنفيذ طموحاته الغريبة، ويشعر بأنه السلطان عبدالحميد، وأن طرابلس الغرب مازالت إيالة في الدولة العثمانية، مضيفا «تركيا ليست الدولة العثمانية وليبيا ليست إيالة تابعة لها». ومضى النايض إلى القول بأن الإشكالية بدأت من إدارة أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون، وأساسها يعود إلى تفكير مغلوط بدأ في أميركا في الثمانينات والتسعينات، وهي فكرة أن الإخوان، مجموعة معتدلة يمكن أن تقف بين العالم والإرهاب، وتابع «لكن في الحقيقة أن هذه الجماعة هي جسر وأساس للإرهاب، ولا يوجد إرهابي قط لا ترجع أصوله الفكرية إلى سيد قطب ومعالم في الطريق والفكر الإخواني، اليوم هذه المسألة بدأت تنهار وخاصةً مع وصول ترمب للحكم في أميركا وبدأت تتضح الرؤية». القبائل ترفض وأوضح أن القبائل الليبية قالت كلمتها في بيانات الأيام الماضية، وأن الشعب الليبي بطبيعته شعب حر، وتابع «صحيح بقي العثمانيون 500 سنة في ليبيا، ولكن الشعب خاض 500 سنة من الحروب التي قاوم فيها دفع ضرائب للغرباء». ورجح النايض أن تحدث ترتيبات من بعض المجموعات الشبابية الموجودة داخل طرابلس كي يدخل الجيش الليبي التابع للبرلمان المنتخب من الشعب إلى العاصمة بشكل سلس يحافظ على المدنيين، بالتزامن مع سحب الاعتراف من المجلس الرئاسي سواء على مستوى الجامعة العربية أو الاتحاد الإفريقي أو الاتحاد الأوروبي أو الأممالمتحدة. خطورة الأوضاع على الصعيد نفسه، أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة في دار الإفتاء المصرية، أن تحذيرات الرئيس عبدالفتاح السيسي من خطورة الأوضاع في ليبيا، في كلمته بمنتدى أسوان للسلام والتنمية، تنبع من مخاطر حقيقية تواجه الدولة الليبية، وقد أكد عليها المرصد في الكثير من إصداراته حيث حذر من أن الداخل الليبي يشهد حالة من التصعيد والتجنيد تجتمع فيها أجندات الدول الأجنبية والجماعات الإرهابية وتنظيمات التهريب والمخدرات والإتجار بالبشر. وأضاف المرصد أنه خلال متابعته لحالة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية حول العالم، رصد العديد من المؤشرات حول بروز ظاهرة «تجنيد الأفارقة» المهاجرين عبر ليبيا للعمل تحت لواء التنظيمات الإرهابية المدعومة من بعض الدول الأجنبية وصاحبة المصلحة في تحويل ليبيا إلى مستنقع للجريمة والإرهاب والتطرف. عمليات التجنيد وأوضح المرصد أن عمليات التجنيد تتم عبر وسيلتين؛ الأولى الإجبار بالقوة، والثانية الإغراء بالمال، ترافق ذلك مع عودة قوية لتنظيم داعش الإرهابي في الجنوب الليبي، وبخاصة في بلدة الفقهاء الواقعة بمنطقة الجفرة، وبلدة غدوة الواقعة في جنوب منطقة سبها حيث ينشط «داعش» في الجنوب الليبي عبر ما يعرف ب»جيش الصحراء». فبعد طرد التنظيم من مدينة «سرت» تفرق عدد كبير من عناصر التنظيم وانتشروا في الصحراء الليبية وتمركز العديد منهم هناك، وعملت عناصره وقيادته على التعاون مع عصابات الإتجار بالبشر من أجل تجنيد الأفارقة المارين من السواحل الليبية إلى الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي فتح الباب أمام التنظيم هناك إلى الاستعانة بالمهاجرين الأفارقة ودمجهم في عناصره مرة أخرى، واتضح ذلك الأمر بين عناصر ما يعرف ب»جيش الصحراء» الذي هو خليط من الليبيين والأفارقة. داعش ليبيا ولفت إلى أن هناك تقارير تحدثت عن عودة التنظيم مرة أخرى إلى ليبيا وقيامه بتجنيد مقاتلين أجانب من دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتحديدًا دول مالي وتشاد والحزام القريب من الجنوب الليبي، ويعود تاريخ انضمام المقاتلين الأجانب من إفريقيا جنوب الصحراء لتنظيم «داعش» في ليبيا إلى الدعوة التي توجه بها زعيم التنظيم السابق «أبو بكر البغدادي» لكل مؤيدي التنظيم للانضمام إلى فرعه في ليبيا تحت اسم «الهجرة إلى ليبيا». وذكر المرصد في بيانه أن جزءًا آخر من الأفارقة المنضمين إلى «داعش» في ليبيا هم من أولئك الذين سافروا للقتال بسورية والعراق، ووجدوا صعوبة للعودة إلى بلادهم فاستقروا في ليبيا وانضموا للتنظيم، وفقًا لما أشارت إليه تقارير تناولت هذه القضية، كما أن جزءًا آخر يتمثل في أن هناك تحركات داعشية في مناطق النيجرومالي وتشاد، الأمر الذي يسهل من عملية تواصل عناصر التنظيم في ليبيا. تنظيم داعش وتفيد تقارير وتؤكد أهمية وجود المقاتلين الأفارقة في تنظيم «داعش» بليبيا، وأن هناك جزءًا خاصًّا في التنظيم يقوم باستقطاب وتجنيد المقاتلين الأفارقة والأجانب، وذلك بعد فرار التنظيم من سرت، إضافة إلى توجه جيش الصحراء الداعشي نحو اعتراض المهاجرين غير الشرعيين جنوب الساحل والصحراء والعمل على تجنديهم، وتابع «الأمر لا يتوقف فقط على جيش الصحراء في ليبيا بل إن تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين التابع لتنظيم القاعدة والمتمركز في مالي عمل على التجنيد القسري لهم ومحاولة القرب من دول الجوار الليبي». ودعا المرصد في بيانه إلى ضرورة مواجهة الإرهاب في ليبيا ومنع التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها من استغلال المهاجرين الأفارقة كفريسة للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، عبر حل أزمة الهجرة غير الشرعية عبر الأراضي الليبية، مؤكدًا أن مصر هي أول من يدفع ضريبة الإرهاب في ليبيا. تداعيات وردود أفعال اتفاق السراج - إردوغان - الاتفاق انتهاك للقانون والمواثيق الدولية وسيادة الدول - البرلمان الليبي المنتخب يرفض الاتفاق ويعتبره بلا قيمة - الاتفاق مقدمة لتحويل ليبيا واجهة للتنظيمات الإرهابية - الشعب الليبي يعتبر الاتفاق محاولة لسرقة ثروات ليبيا - الاتحاد الأوروبي وأميركا يرفضون الاتفاق