لا يخفى على أحد الأهمية التي تمثلها الاختبارات بشكل عام والاختبارات التحريرية بشكل خاص، وما يشكله ذلك من حراك تعليمي كبير على مستوى المدرسة والأسرة والمجتمع، وبالطبع حتى الآن ما زالت الاختبارات التحريرية من أهم محكات التقييم سواء في التعليم العام أو التعليم الجامعي وفي كافة المراحل الدراسية، ويتم الاعتماد على نتائجها بشكل مباشر في المستقبل الوظيفي والمهني. وعند الحديث عن المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بشكل محدد، فقد كانت الاختبارات التحريرية أساسا ومحكا حقيقيا لقياس نواتج التعلم والتحصيل الدراسي، إلا أنه تم الاستغناء عنها إلى حد كبير وخاصة في المرحلة الابتدائية وتم التوجه إلى التقويم المستمر والتركيز على المهارات الأساسية التي يقيّمها ويقدّرها المعلم، وتعتمد على إتقان الطالب لعدد المهارات، وإكسابه علوما ومعارف، بما يضمن التحصيل الدراسي المناسب المتوافق مع كل مرحلة دراسية، وباستخدام أدوات قياس معينة تعتمد على مدى الجهد الذي يقدمه المعلم وعلى مدى تجاوب الطالب وأسرته. وهذا التوجه أثبت بعد فترة تجربة ليست بالقصيرة عدم نجاحه وأن هناك قصورا في نضوج هذه التجربة وتحقيقها للأهداف الرئيسية، ووافق ذلك النتائج التي تحققت في الاختبارات الوطنية، والاختبارات الدولية التي شاركت فيها المملكة على مستوى العالم، حيث ظهرت نتائج غير مرضية لا تعكس الاهتمام الذي يحظى به التعليم من القيادة الرشيدة، ولا توجهات وزارة التعليم نحو تحسين نواتج التعلم ورفع مستوى التحصيل الدراسي والتموضع بين دول العالم. ولمعالجة ذلك لا بد من بذل المزيد من العمل والتركيز الفعلي على نواتج التعلم وما يقدم داخل حجرة الدراسة، والعمل الحقيقي للمعلم وعلاقته مع طلابه والأساليب والاستراتيجيات المتبعة في التدريس، كما أن ذلك يعتمد فعليا على أدوات التقييم المتبعة مع الطلاب والطالبات وإلى أي مدى تعكس الفعل التعليمي والمعارف والمهارات المكتسبة. لذلك فقد أقرت وزارة التعليم بتوجيه مباشر من وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ تطوير المادة الخامسة من لائحة تقويم الطالب التي تتضمن عودة الاختبارات التحريرية بالإضافة إلى التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية من الصف الثالث إلى الصف السادس في عدد من المواد الدراسية وهي: «التوحيد – الفقه والسلوك – الحديث والسيرة – لغتي الجميلة - العلوم – الرياضيات – العلوم الاجتماعية والوطنية»، وفي المرحلة المتوسطة لجميع المواد الدراسية بما فيها مادة «لغتي الخالدة». وكل ذلك من أجل ضمان وجود منهجية علمية صحيحة للقياس تسهم في التعرف على مخرجات التعلم وتقيس كذلك أداء المعلم وتقدر الجهد الذي يبذله مع طلابه. وهذا بدوره سيجعل للأسرة دورا أكبر في المتابعة المستمرة لمستويات الطلاب والطالبات وتهيئة الأجواء المناسبة لهم لأداء الاختبارات بالشكل المطلوب، وأيضا تعطيهم مؤشرا حقيقيا على مستويات أبنائهم وبناتهم، وتمكّنهم من توثيق العلاقة مع المدرسة وإيجاد الطرق المناسبة لتعزيز السلوك الإيجابي للأبناء أو معالجة القصور إن وجد. إن هذا التوجه الذي أعادته الوزارة سيكون له دور في إعادة التوازن إلى المجتمع التعليمي والسير على خطوات ممنهجة وواضحة يمكن قياسها، وسيزيد من تركيز المعلمين والمعلمات على أدوات تقييم تعطيهم مؤشرات حقيقية عن مدى تحقيقهم للأهداف التدريسية والمعارف والمهارات المكتسبة، كما ستساعدهم على تحسين أدواتهم وترفع من حرصهم على تقديم المواد الدراسية بشكل أكثر وضوحا، وتوثق علاقة وثقة المجتمع بهم، وسيسهم ذلك في زيادة الوعي المجتمعي نحو تحسين نواتج التعلم ورفع مستوى التحصيل الدراسي والمعرفة الحقيقة لمستوى الطلاب والطالبات، وهذا كله سيصب في مصلحة تميز التعليم وتحقيقه لأهداف الوطن الطموحة، ولمستقبل أكثر إشراقا لأبنائه.