اتفق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع الدعوات المنادية بإصلاح مجلس الأمن، وقال "حان الوقت للاتفاق على إصلاح مجلس الأمن"، مضيفا "الدول الأعضاء في المجلس تناقش هذه المسألة، لكنها لم تصل إلى اتفاق، إلا أنه ينبغي إصلاح مجلس الأمن". ودعا مون في حوار أجرته معه "الوطن" الرئيس السوري بشار الأسد إلى "الاستماع لرغبة الشعب، واتخاذ قرار شجاع لوقف العنف"، رافضا اتهام الأممالمتحدة بالمساهمة في "شرعنة" عمليات القتل التي ترتكبها قوات النظام السوري ضد الشعب، وأضاف "لقد أدنا بقوة أعمال القتل للشعب، فالأمر بلغ حداً غير مقبول، والمجتمع الدولي غاضب". وفي تعليقه على المقارنة بين ما جرى في ليبيا من تدخل عسكري وعدمه في سورية أجاب مون "لقد تعلمنا دروسا مما حدث، ويجب أن يكون هناك إجماع". ولم تغب الصراحة عن حديث الأمين العام بخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط، حين قال "لا أرى آفاقا حقيقية للسلام". ------------------------------------------------------------------------ دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس السوري بشار الأسد إلى الاستجابة لرغبة الشعب، لافتا إلى أن الأزمة هناك بلغت حدا غير مقبول. ودافع مون في حوار خاص وشامل ل"الوطن" على هامش زيارته للمملكة، عن موقف الأممالمتحدة في الأزمة السورية، رافضا الاتهامات التي تطالها بأنها ساهمت في "شرعنة" عمليات القتل التي يقوم بها النظام السوري. وشدد على أهمية أن يتخذ الأسد قرارا شجاعا بوقف العنف والسماح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدة لأكثر من مليون متضرر داخل سورية. وحول عملية السلام، قال مون إن هناك اهتماما دوليا بإحراز تقدم في العملية السلمية بمنطقة الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه لا يرى آفاقا حقيقية لها. واتفق بان كي مون على أهمية تعديل ميثاق الأممالمتحدة وإصلاح مجلس الأمن، مؤكدا أن الوقت قد حان لذلك. وبخصوص الملف النووي الإيراني، أشار مون إلى تفهم الأممالمتحدة لقلق دول المنطقة ومنها السعودية من هذا الملف، مشيرا إلى أن مجلس الأمن اتخذ 5 قرارات غير أنها لم تنفذ، داعيا طهران لأن تلتزم بتلك القرارات والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما في ذلك عمليات التفتيش، معتبرا أن الحديث عن الحرب والانتقام غير مفيد، وإلى نص الحوار. سعيد بالعمل مع خادم الحرمين في البداية، حدثنا عن زيارتك للمملكة، وماهي أبرز الموضوعات المطروحة في جدول الزيارة؟ المملكة تعتبر عضوا مهما في الأممالمتحدة منذ تأسيسها، كما تعد داعما قويا للأمم المتحدة على المستويات السياسية والاقتصادية والتطويرية والإنسانية، لا سيما أنها تحتل مكانة مهمة في المنطقة وتتميز بثقل سياسي واقتصادي، وأنا سعيد بالعمل مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وزملائي الآخرين. وأنا أتيت إلى هنا لافتتاح الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، والذي تم إنشاؤه بفضل ودعم المملكة، في وقت يقوم المجتمع الدولي بعمل قوي للقضاء على الإرهاب، حيث اعتمدت استراتيجية مكافحة الإرهاب في عام 2006، وأنشئت فرقة معنية بالتنفيذ لهذا الخصوص ثم قررنا إنشاء مركز مكافحة الإرهاب. وهذا تقدم كبير في مجال مكافحة الإرهاب، الذي يعد ظاهرة تؤثر على مجتمعاتنا سلباً، لما أزهق من أرواح ودمر من ممتلكات. وهذه الزيارة بما فيها الاجتماع بخادم الحرمين الشريفين، كانت مناسبة لمناقشة مواضيع مختلفة تلف المنطقة مثل القضية السورية وقضية اليمن ودارفور والعديد من القضايا الأخرى، في وقت تقدم فيه المملكة تعاونا كبيرا مع الأمم المتحددة، ونحن ممتنون لهذا الدعم. تعاون إقليمي ودولي كيف تقيمون مستوى التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب؟ الإرهاب أصبح قضية لا تستطيع أي دولة حلها بمفردها، إذ نحتاج إلى تعاون إقليمي ودولي يقدم مزيداً من التنسيق والتعزيز لمكافحة هذه الآفة، إذ من الأهمية بمكان في الوقت الراهن بناء القدرات وتعزيز التعاون الدولي في جوانب تتعلق بتبادل المعلومات، وتكثيف الجهود لتعقب الإرهابيين. ودعني أقل إننا في الحقيقة بحاجة إلى نهج شامل يسري على الدول وتتعاون من خلاله، ومهمة المركز ستكون التنسيق مع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة لمواجهة الإرهاب. إصلاح مجلس الأمن مهم كيف تنظرون إلى الدعوات التي تنادي بإصلاح مجلس الأمن؟ إصلاح مجلس الأمن من أهم أجندات الأممالمتحدة منذ 20 عاماً، والدول الأعضاء في المجلس تناقش هذه المسألة، لكنها لم تصل إلى اتفاق على الرغم من التغيير الكبير الذي لحق بالمجلس على مدى ال66 سنة الماضية. إلا أنه ينبغي إصلاح مجلس الأمن للتصدي للتحديات العالمية، ومعظم الدول الأعضاء متفقة على إصلاح المجلس، وهو ما يعني مزيداً من الشفافية والديموقراطية. لكن الدول الأعضاء لم تصل لاتفاق على صيغة وآلية للإصلاح، إذ إن هناك آراء مختلفة، وبالتالي يصعب الاتفاق، ولكن الوقت قد حان لاتفاق على إصلاح مجلس الأمن. تعديل الميثاق صعب هل هناك توجه لتعديل ميثاق الأممالمتحدة في المستقبل القريب، خصوصاً أن بعض الأعضاء يشتكون من هيمنة القوى الكبرى عليها؟ الأمر متروك للدول الأعضاء لتعديل الميثاق، لكن الأمر يتطلب إرادة سياسية للدول الأعضاء، فيجب أولاً تحديد الأحكام التي ينبغي تغييرها، وهنا أقول في حال تم الاتفاق على إصلاح مجلس الأمن يمكن الاتفاق بسهولة على تعديل ميثاق الأممالمتحدة، لكن حتى هذه اللحظة من الصعب تعديل الميثاق. إذ يتطلب تعديله الحصول على دعم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ومن ثم تصديقه من قبل ثلثي الدول الأعضاء بالأممالمتحدة بما في ذلك الدول الخمس الدائمة العضوية. العديد من دول العالم تتجاهل قرارات الأممالمتحدة ولا تنفذها، هل يعود ذلك إلى ضعف الآلية؟ أم إلى عدم التزام بعض الأعضاء بتوجيهات المنظمة؟ على جميع الدول الأعضاء أن تلتزم بالقرارات الصادرة من مجلس الأمن، حيث توصف بالملزمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك قرارات تصدر من مجلس الأمن وأخرى من الجمعية العمومية لكن لا تنفذها بعض الدول مثل قررارات تتعلق بالشرق الأوسط، والملف النووي الإيراني، والملف النووي الكوري الشمالي. وهناك قضايا كثيرة اتخذ مجلس الأمن قرارات بشأنها لكنها لم تنفذ، وهذا مؤسف لأن الدول الأعضاء لم تنفذها، وأنا دائماً أدعو الدول الأعضاء إلى تنفيذ ما يصدر عن مجلس الأمن والجمعية العامة من قرارات. مليون سوري متضرر هناك من يتهم الأممالمتحدة بشرعنة ما يحدث في سورية من أعمال القتل، عبر عجزكم عن إيجاد حل عادل للشعب السوري، ما هو ردكم على ذلك؟ لم يحاول أي أحد في الأممالمتحدة إعطاء الشرعية لما تقوم به الحكومة السورية من قتل لشعبها، فقد أدنا بقوة أعمال القتل التي تقوم بها الحكومة السورية تجاه شعبها، وأي حكومة تستخدم القوة ضد شعبها دون تمييز تعرضت للإدانة الشديدة من قبلنا، ولا يمكننا ولن نقبل إعطاء الشرعية لأي عمل مثل هذا، وفي الشأن السوري بلغ الأمر حداً غير مقبول، فالمجتمع الدولي غاضب ويستنكر جميع ما تقوم به الحكومة السورية، وعلى الرئيس الأسد أن يستمع إلى رغبة الشعب، كما عليه أولاً أن يتخذ قرارا شجاعا بوقف العنف، والسماح للمجتمع الدولي بأن يقدم المساعدات لمليون متضرر من الشعب السوري. تعلمنا الدرس لماذا لم تتمكن الأممالمتحدة من التعامل مع الأزمة السورية بذات السرعة التي تعاملت بها مع الملف الليبي؟ في ما يتعلق بليبيا كان هناك إجماع في مجلس الأمن الدولي، وإجماع من الجامعة العربية التي أوصت ومجلس الأمن بفرض منطقة الحظر الجوي واستخدام القوة العسكرية الذي جاء بموجب قرار مجلس الأمن 1973 وتدخل حلف شمال الأطلسي. أما في سورية فلم يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ قرار موحد، باستثناء السماح بقوة أمنية، ونحن تعلمنا دروسا مما حدث، ويجب أن يكون هناك إجماع، ولكن للأسف خلال ال15 شهرا (عمر الأزمة) لم تحل القضية، ويجب أن يتحدث مجلس الأمن بصوت واحد كي يتمكن من حل الأزمة السورية. إيران مصدر للقلق أزمة الملف النووي الإيراني ما زالت تراوح مكانها، هل فشل المجتمع الدولي في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية؟ وما تقييمكم لتعامل إيران مع مطالب مجلس الأمن حول ملفها النووي؟ الملف النووي الإيراني أحد أهم شواغل السلم والأمن الدوليين، وأعلم أن دول المنطقة ومنها السعودية قلقة من هذا الملف. وقد اتخذ مجلس الأمن الدولي على الأقل خمس قرارات لم تنفذ، وعلى إيران أن تلتزم بهذه القرارات لكنها لم تفعل. فأنا أطلب من إيران التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما في ذلك التفتيش، وأن تكون متجاوبة مع مطالبات الوكالة، بأن يكون امتلاكها للتقنية النووية للأغراض السلمية، إذ إن المجتمع الدولي قلق بشأن الموضوع النووي الإيراني. ومؤخراً عقدت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعا مع إيران لمناقشة الموضوع، وسيعقد اجتماع آخر في الشهر الجاري في موسكو، وأرجو أن تحل المشكلة سلمياً، لأن الحديث عن الحرب والانتقام لا يفيد، يجب حل المشكلة من خلال الحوار، وعلى الإيرانيين تطبيق قرارات الأممالمتحدة. غياب آفاق السلام بعد مضي أكثر من 64 سنة على القضية الفلسطينية، هل تأخر معالجة القضية يعني فشل الجهود المبذولة للسلام؟ نحن مهتمون جداً بإحراز تقدم في عملية السلام، فأكثر من 64 سنة والأراضي المحتلة لاتزال تعاني، وقطاع غزة لا يزال يعاني مما تفرضه السلطات الإسرائيلية والاستيطان غير القانوني المتواصل. وأنا بصفتي أمين عام الأممالمتحدة وعضوا في اللجنة الرباعية الدولية، كنت وما زلت أدعو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى العمل بجد من أجل تطبيق مبادرة السلام العربية وخارطة الطريق على أساس دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام. ومؤخراً شكلت إسرائيل حكومة جديدة، وحاولت الأردن الوساطة بين الفلسطينيين، والإسرائيليين، والأممالمتحدة واللجنة الرباعية الدولية تحاولان تمكين الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية من تحقيق التنمية الفلسطينية، وهناك جهود ولكن ليس هناك آفاق حقيقية للسلام، ويجب على دول المنطقة وجميع الدول العربية أن تلعب دورا قويا مع المجتمع الدولي لحل هذه المسألة.