أكد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين، في ختام اجتماعهم الذي عقد أمس في مدينة فوكوكا باليابان واستمر يومين، «المخاطر» التي يواجهها نمو الاقتصاد العالمي مع تكثف التوترات التجارية. وتعهدوا في بيان ختامي صدر أمس ب«مضاعفة الجهود» لإصلاح الضرائب على الشركات الرقمية العملاقة، التي تواجه انتقادات لممارساتها في تجنب الضرائب، والهدف هو التوصل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن «بحلول عام 2020». توترات تجارية شدد المجتمعون على أن التوترات التجارية والجيوسياسية في تصاعد، مبدين استعدادهم للتعامل معها. وتوقعوا أن يحقق الاقتصاد العالمي المزيد من النمو في وقت لاحق العام الجاري وحتى عام 2020، مؤكدين أنه رغم ذلك إلا أن النمو لا يزال منخفضًا. ورحبوا بالإنجازات التي تمت مؤخرا فيما يتعلق بالشفافية بشأن الضرائب، بما في ذلك التقدم في التبادل التلقائي لمعلومات الحسابات المالية من أجل أهداف تتعلق بالضرائب. تفاقم الخلافات حذر وزراء المالية من «المخاطر» الناجمة عن تفاقم الخلافات التجارية، في ختام اجتماع هيمنت عليه الحرب التجارية المتصاعدة بين الولاياتالمتحدةوالصين. ولم يصدر البيان الختامي للاجتماع إلا بعد مناقشات طويلة و«معقدة» بين الولاياتالمتحدة والدول الأخرى الأعضاء في المجموعة، ودارت بحسب بعض المشاركين حول سطر واحد فيه، فيما قال مصدر مطلع على مجرى المحادثات إن «الأجواء كانت متوترة، واستغرقت المفاوضات حوالي ثلاثين ساعة». وشدد المشاركون في الاجتماع المنعقد في نهاية الأسبوع في اليابان على أن «النمو العالمي في طور الاستقرار ولكنه يبقى ضعيفا ولا تزال مخاطر التدهور قائمة. والأهم أن الخلافات التجارية والجيوسياسية تكثفت»، بحسب نص البيان. موقف مخالف صدر الموقف المخالف الوحيد عن الولاياتالمتحدة. وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشن: هناك تباطؤ في أوروبا والصين ودول أخرى. لكنني لا أعتقد إطلاقا أن التباطؤ المسجل في عدة مناطق من العام هو نتيجة الخلافات التجارية. وكرر التهديد بفرض رسوم جمركية جديدة على الصين إذا لم يتوصل الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ إلى التفاهم بهذا الصدد خلال قمة مجموعة العشرين المقررة في نهاية يونيو في أوساكا. وقال مسؤول ياباني كبير في ختام جلسات العمل الأولى «أعرب العديد من الدول عن قلقها حيال المخاطر الكبرى التي يواجهها النمو العالمي نتيجة تصعيد في الحرب التجارية». المصارف المركزية تراقب أبدت فرنسا بصورة خاصة مخاوف وصرح وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير لوكالة فرانس برس على هامش الاجتماع من «أن حربا تجارية سيكون لها تأثير سلبي مباشر على اقتصادنا وحياتنا اليومية ووظائفنا، نريد تجنبها بأي ثمن». وكانت النبرة مماثلة في خطاب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي أعلنت أن «الخطر الرئيسي ناجم عن الخلافات التجارية المتواصلة»، في إشارة إلى الحرب التجارية الأميركية الصينية. وقالت لاغارد في بيان صدر في ختام اجتماع مجموعة العشرين المالي «التقينا في وقت يظهر الاقتصاد العالمي إشارات خجولة إلى عملية استقرار»، لكنها أضافت أن «الطريق أمامنا لا يزال محفوفا بالمخاطر». وكانت لاغارد جعلت من هذا الملف «الأولوية المطلقة» قبل اجتماع مجموعة العشرين، وناشدت الدول الأعضاء الحفاظ على سياسة نقدية متساهلة لدعم النشاط الاقتصادي. مضاعفة الجهود هيمن موضوع آخر على اجتماع مجموعة العشرين، هو إصلاح نظام الضرائب على مجموعات الإنترنت الكبرى، وهيمن التوافق على ما يبدو في هذا المجال رغم الانقسامات حول النهج الواجب اتباعه. ووعد المسؤولون الماليون للاقتصادات الكبرى في العالم ب «مضاعفة الجهود» لإقامة نظام ضريبي أكثر عدلا. والهدف هو التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول العام 2020، وهو ما بات من الممكن تحقيقه مع تبديل الولاياتالمتحدة موقفها، بعدما كانت تعرقل المفاوضات حول هذا الموضوع منذ سنوات. والهدف هو فرض ضرائب على شركات الإنترنت الأربع الكبرى المعروفة بمجموعة «غافا»، وهي غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون، بحسب البلد الذي تحقق فيه مداخيلها، وليس بناء على وجودها المادي كما هو معتمد حتى الآن. غير أن خلافات كبرى لا تزال قائمة حول سبل تطبيق ذلك، إذ تدعو واشنطن إلى سياسة واسعة النطاق في هذا المجال، لا تقتصر على القطاع الرقمي.