استخدم البيض أسلوبا للتعنصر يؤدي لإبادة الهنود الحمر، وآخر يؤدي لاسترقاق الزنوج السود واستلاب حقوقهم الآدمية. وكان أسلوب التعنصر المؤدي للإبادة، يرتكز على نزع كامل الآدمية عن الجنس المراد إبادته، وأسلوب الحط من آدمية العنصر المراد الحفاظ عليه، لاسترقاقه. ولذلك فقد أطلقوا على الهنود الحمر مسميات وصفات، تستحق التخلص منهم، مثل المتوحشون والبرابرة والقتلة والسفاحون، وما شابه ذلك من أوصاف وأسماء يستحقون عليها التخلص منهم، كنوع من الدفاع عن النفس والدين والحضارة. ولذلك فقد تمت إبادتهم وحرق ممتلكاتهم وسلب أراضيهم دون رحمة أو تأنيب من ضمير. أما أسلوب التعنصر الذي استخدموه ضد الزنوج السود، فهو الحط من آدميتهم، وليس نزعها عنهم بالكامل، كما فعلوا ذلك مع الهنود الحمر، وذلك لسبب الحاجة إليهم، والحرص على تكاثرهم، ولكن بنفس الوقت إسقاط حقوقهم الإنسانية. وكان من أدوات هذا الأسلوب الحط من قدراتهم العقلية والذهنية، وعدم قدرتهم على التصرف السليم أو اتخاذ القرار الصائب، مع وصمهم بالجبن والغدر والخبث وعدم الأمانة، وحتى الحط من قدرتهم على الشعور بالذنب أو الإحساس بالندم وحب فعل الخير وحسن تقديره. وقد أثبت بعضهم ذلك بتجارب (علمية)، أبعد ما تكون عن العلم، مثل كون جماجمهم صغيرة، أقرب لجماجم القرود منها للإنسان؛ وعليه استحقوا عدم معاملتهم كبشر أسوياء، مثل البيض، وعليه جواز هضم حقوقهم، واستغلالهم كأيدٍ عاملة مجانية، واعتبارهم جزءا من أملاك الإنسان الأبيض. ولذلك فقد استخدموهم لأكثر من قرنين ونصف، في البداية كأيدٍ مجانية تعمل بجد واجتهاد في الزراعة وخدمة البيوت والبناء والتحميل وما شابه ذلك من أشغال شاقة في الأسواق، ثم بعد تحريرهم كانوا عمالة رخيصة في المصانع والمشاريع الصناعية والمعمارية الجبارة. وهكذا نجح العنصر الأبيض في الوصول إلى مأربه، في التعنصر ضد العنصرين الأحمر والأسود. ولذلك فلكل جرم مقدمات، يجب التنبه لها، لمنع الجرم من الوقوع، فمقدمات جرم الإبادة الجماعية واستعباد الناس واسترقاقهم، واستغلال جهودهم وطاقاتهم والحجر عليهم وإذلالهم؛ هي العنصرية بكل أنواعها وأشكالها. ولذلك فكل عنصري هو إما مجرم، يمهد لارتكاب جرم شنيع ضد عنصر من الناس، في بث عنصريته ضدهم، وشرعنتها دينياً وأسطورياً وسياسياً، وحتى محاولة تثبيتها بوهم أو دجل (علمي)، وإما جاهل غبي، يساعده جهله وغباؤه على ذلك. ولذلك وجب الوقوف ضد أي عنصري بحزم وشجاعة، وشل قدرته على ارتكاب جرمه، بتجفيف منابع ثقافته العنصرية وتجريمها، ومعاقبة من يروج لها. إن التعنصر ضد المرأة، كما هو في شرقنا، مكشوف الأسلوب ومفضوح المأرب. فنفس الأسلوب العنصري الذي استخدم بكل شناعة ضد الزنوج في أميركا، ما زال يستخدم ضد المرأة لدينا. والحط من كمال آدميتها واضح في خطاب من يروجون له، ولا يحتاج لعالم صواريخ لاستكشافه. وعليه فلا عجب فهي ناقصة التفكير وقليلة الدين، وغير مأمونة الجانب. كما أنها أكثر من يستخدم السحر والحيل والخداع والخبث وغير مأمونة الجانب؛ من أجل الوصول لمآربها. وكثير من مروجي الخطاب العنصري ضد المرأة، يروجون لأكاذيب يعتبرونها علمية، مثل تأثير الدورة الشهرية، على مشاعرها وسلوكها؛ التي تجعل من تصرفاتها غير طبيعية أو سوية، مهما حملت من الشهادات العلمية وأثبتت جدارتها بإنجازات علمية وعملية، تثبت كفاءاتها كإنسان، يستحق كل الرفعة والتقدير. ولذلك فأول مسلمات أهداف خطابهم العنصري ضد المرأة، هو وجوب الحجر عليها، ومراقبتها في حلها وترحالها، وعدم تمكينها من حقوقها المادية والإنسانية وحتى الوطنية منها. والمطالبة بحجزها في بيتها بقدر المستطاع، فهي قد خلقت كما يشتهون، لخدمة واستمتاع الرجل بها؛ وعليه فيجب أن تكون دوماً جاهزة لأداء دورها هذا في الحياة، ولا غيره. والنتيجة هي عضلها وسلب أموالها، وتسخيرها لخدمة ومتعة الرجل، باختراع أنواع الزيجات وقمع النساء. * نشرت في «الوطن» 2011