يحيى فقيهي - كوالالمبور الاهتمام المفرط عنوان لغزو الخصوصيات! فمنه يبدأ الخلاف وفيه ينتهي الائتلاف، فالتآلف يكون بالفهم وليس بالقرب، فمن قرب وتعدى الخطوط الحمراء انتهك الحمى، وعاث في أرض الغير بغير حق! نعم للقرب لكن ليس القرب المفرط، الذي تُنتهك فيه خصوصيات الغير! لماذا لا نوجد فراغاً كي يُولد فيه الحب من جديد ويترعرع؟ فراغ بسيط، كي نشعر فيه بالفقدان والوحشة.. كي نعود إليه، كي نلتقي هناك. الإكثار من الشيء يقود إلى الملل.. ومن ثم الفراق الأكيد.. فليكن القرب بقدر الحاجة، فالناس قد يحتاجون لوقتٍ كي يحاكوا ذواتهم، فالوحدة مهمةٌ لكثيرٍ من البشر، كي يتحدثوا مع النفس حديث الخلان. من المهم ألا يكون البعد هجرا، وألا يحمل الجور والبهتان، وألا يحنق الإنسان حينما يشعر بالجفاء والخذلان.. بل يراعي ظروف الأقران والخلان.. يعيش معهم، لكن بحذر، فإن اقترب منهم كثيراً سيبتعد عنهم أكثر يوماً ما! بل قد ينقلب الحب ويتبدل إلى كراهية! أنشد هدبة بن خشرم قائلاً: وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً فإنك لا تدري متى أنت راجع وكن معدناً للخير واصفح عن الأذى فإنك راءٍ ما عملت وسامعُ وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً فإنك لا تدري متى أنت نازعُ وهناك حديث موقوف لعلي بن أبي طالب كرم الله وجه ورضي عنه.. وفيه اختلاف كبير بأنه مرفوع أو موقوف.. ونأخذه من باب الدلالة على أن الحب المفرط والبغض المفرط ليس بجميل لأنك لا تدري ماذا سيحدث في الغد! يقول: "أحب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما..".